كتاب التلخيص في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)
لم يتَحَقَّق فِي وَاحِد مِنْهُمَا قطع لم يكن أَحدهمَا بالإسقاط بِأولى من الثَّانِي.
[716] فَإِن قَالَ قَائِل: فأقيسة الشّبَه اضعف، والعموم أظهر، كَانَ ذَلِك قَول لَا يتَحَصَّل مِنْهُ طائل عِنْد الرَّد إِلَى التَّحْقِيق فَإِن الْعلم لَا يطْلب من وَاحِد مِنْهُمَا وَالْعَمَل يثبت بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا.
[717] ثمَّ إِن القَاضِي رَضِي الله عَنهُ لما أبطل شبه الْقَوْم على وَجه يرشدك إِلَى إبِْطَال كل مَا يوردونه وَجه فِي على نَفسه سؤالا وجده من أهم الأسئلة وَذَلِكَ أَنه قَالَ: إِن قَالَ قَائِل: من صَار إِلَى التَّعَارُض فقد خرق الْإِجْمَاع فَإِن من النَّاس من يقدم الْعُمُوم على الْقيَاس، وَمِنْهُم من يقدم الْقيَاس، فَأَما الْمصير إِلَى التَّعَارُض فَمَا صَار إِلَيْهِ أحد.
ثمَّ أجَاب عَن ذَلِك بِوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا أَنه قَالَ مصيرنا إِلَى التَّعَارُض مصير إِلَى رد الْقيَاس فِي صُورَة التَّعَارُض، ورد الْعُمُوم، وَقد قَالَ برد الْعُمُوم على الْجُمْلَة قَائِلُونَ، وَقَالَ برد الْقيَاس آخَرُونَ، فَإِذا جَمعنَا بَين المذهبين فِي صُورَة التَّنَازُع لَا ننتسب إِلَى الْمُخَالفَة.
[718] فَإِن قيل: فَمن قَالَ بِالرَّدِّ عمم القَوْل فِيهِ، فتخصيص هَذِه الصُّورَة بِالرَّدِّ مِمَّا لم يسْبقُوا إِلَيْهِ.
قُلْنَا: هَذَا كَلَام لَا طائل تَحْتَهُ فَإنَّا قد ثبتنا أَن عين مَا قُلْنَاهُ مَنْقُول فِي الْمذَاهب، وَمَا ذكرتموه من التَّخْصِيص لَا يلْزمنَا مِمَّا فِيهِ كلامنا خرق الْإِجْمَاع. وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَن طَائِفَة من الْعلمَاء لَو صَارُوا إِلَى تَحْلِيل فِي صُورَة متباينة،، وَصَارَ آخَرُونَ إِلَى التَّحْرِيم فِيهَا، فَلَو اجْتهد مُجْتَهد فَأخذ
الصفحة 126