كتاب التلخيص في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)
ثمَّ نقُول: لَو جَازَ الْعَمَل بِالْعُمُومِ مَعَ تردد الِاعْتِقَاد فِيهِ جَازَ أَن يعْمل الْمُجْتَهد إِذا عَن لَهُ قِيَاس من غير أَن يسبره حق سبره، وَهَذَا مَا لَا سَبِيل إِلَيْهِ، وسنقرره فِي أَوْصَاف الِاجْتِهَاد إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
[782] فَإِن اسْتدلَّ الصَّيْرَفِي فَقَالَ: هَذِه اللَّفْظَة دلَالَة على الْعُمُوم وَشرط الدّلَالَة أَن تدل على مدلولها فَيجب لذَلِك اعْتِقَاد الْعُمُوم فِيهَا.
قيل لَهُ: إِنَّمَا تدل لَو جردت عَن مُخَصص، وَإِنَّمَا نَعْرِف تجردها أَو يغلب ذَلِك على ظَنّه إِذا نظر فِي الْأَدِلَّة.
[783] فَإِن قَالَ: وَإِن نظر فِي الْأَدِلَّة فَرُبمَا لَا يتَوَصَّل إِلَى الْقطع، فَقولُوا: لَا يتَحَقَّق مِنْهُ الِاعْتِقَاد فِي الْعُمُوم وَإِن نظر.
قُلْنَا: إِذا نظر وَلم يعثر على دلَالَة قَاطِعَة تَقْتَضِي تَخْصِيص اللَّفْظَة فَلَا يعْتَقد فِيهَا عُمُوما بل يغلب ذَلِك على ظَنّه فَيعْمل بِهِ كَمَا يعْمل بخبرالواحد، وَالْقِيَاس السمعي وَإِن لم يقطع بهما، فَهَذَا قَوْلنَا، ثمَّ لم يدل ذَلِك على قطع النّظر فِي الْأَخْبَار وَوُجُوب الْعَمَل بهَا، كَمَا نقلت قبل النّظر فِي صِفَات الرب.
[784] شُبْهَة أُخْرَى لَهُم، فَإِن قَالُوا: لَو توقف فِي اللَّفْظَة حَالَة وَاحِدَة سَاغَ أَن يتَوَقَّف حالتين وَثَلَاثَة، وَيلْزم مِنْهُ التَّبْلِيغ إِلَى الْوَقْف أبدا كَمَا صَارَت إِلَيْهِ الواقفية.
الصفحة 165