كتاب التلخيص في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

قُلْنَا: وَلَو قيدنَا الْمُطلق كُنَّا أبطلنا مَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاق من الْعُمُوم والشمول، فَلَا فصل بَينهمَا. وَقد أَوْمَأ إِلَى طَرِيق يؤول إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ.
[790] شُبْهَة الْقَائِلين بِأَن الْمُطلق مَحْمُول على الْمُقَيد من حَيْثُ اللَّفْظ واللغة فَإِن قَالُوا: مُوجب اللِّسَان يَقْتَضِي ذَلِك وَالْعرب تطلق فِي كَلَامهَا [مَا] قيدت مثله وتروم بِالْإِطْلَاقِ التَّقْيِيد وَلكنهَا لَا تكَرر اجتزاء مِنْهَا بِمَا فرط من التَّقْيِيد وإيثار الِاخْتِصَار والحذف وَلكَون التَّقْيِيد الْمُتَقَدّم مِنْهَا دَالا على التَّقْيِيد، واستشهدوا بأمثلة أوضحُوا فِيهَا الْحَذف لإِرَادَة الإيجاز مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {ولنبلونكم بشيءمن الْخَوْف والجوع وَنقص من الْأَمْوَال والأنفس والثمرات} مَعْنَاهُ: وَنقص من الْأَمْوَال وَنقص من الْأَنْفس، وَنقص من الثمرات، فَوَقع الِاكْتِفَاء بِالنَّقْصِ الْمَذْكُور فِي صدر الْكَلَام وابتنى بَاقِي الْكَلَام عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد 17} مَعْنَاهُ عَن الْيَمين قعيد، وَعَن الشمَال قعيد، واستشهدوا بقوله تَعَالَى: {والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات} مَعْنَاهُ [والذكرات] لله.

الصفحة 169