كتاب التلخيص في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

وَلَكِن لم قُلْتُمْ أَن الْكَلَام المتسق إِذا قيد بعضه وأنبأ فحواه عَن التَّنْبِيه عَن الْمُتَّصِل بِهِ وَجب أَن ينبىء التقيد فِي آيَة الْقَتْل عَن التَّقْيِيد فِي آيَة الظِّهَار ألم تعلمُوا أَن الْحَذف والإيجاز فِي الْكَلَام مِمَّا لَا ينقاس وَلَا ينْحَصر وَلَا يَنْضَبِط الِاعْتِبَار فَأحْسن طَرِيق تسلكونه اعْتِبَار الْمُتَنَازع فِيهِ بِمَا استشهدتم بِهِ وقصارى ذَلِك تثبيت اللُّغَات بِالْقِيَاسِ.
[793] ثمَّ نقُول لَهُم مَا قلتموه أجمع فرض مِنْكُم فِي كَلَام مُتَّصِل لَو جرد بعضه لم يسْتَقلّ بِنَفسِهِ فَإِن مِمَّا استدللتم بِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَنقص من الْأَمْوَال والأنفس} فَلَو قَدرنَا ذكر الْأَنْفس، والثمرات لم يفد ذكرهمَا على حيالهما معنى فَدلَّ أَنَّهُمَا منوطان بِمَا سبق وَهُوَ قَوْله: (وَنقص) فأنبأ فحوى الْخطاب عَن تعلق النَّقْص بِالْكُلِّ، وكلك كل مَا اسْتشْهدُوا بِهِ ينخرط فِي هَذَا السلك، وَلَيْسَ كَذَلِك آيتان تستقل كل وَاحِدَة / بحكمها وَيجوز تَقْدِير كل [91 / أ] وَاحِدَة على قَضِيَّة. 3 [794] وَأما استدلالهم بِآيَة الشَّهَادَة فَلَا مستروح فِيهِ فَإنَّا مَا شرطنا الْعَدَالَة فِي سَائِر الشَّهَادَات حملا على الْمُقَيد، وَلَكِن صرنا إِلَى ذَلِك بدلالات أُخْرَى، كَيفَ وَقد صَار بعض الْعلمَاء إِلَى أَن من الشَّهَادَات مَا لَا يتَقَيَّد بِالْعَدَالَةِ كَالشَّهَادَةِ على النِّكَاح، وَالشَّهَادَة فِي الْأَمْوَال فَإِنَّهُ لَا يشْتَرط فِيهَا تثبيت الْعَدَالَة بل يَكْتَفِي بِظَاهِر الْحَال، فَبَطل مَا قَالُوهُ من كل وَجه.

الصفحة 171