كتاب التلخيص في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الْمُخَاطب أَن يَقُول: فَإِن ضَرَبَنِي رَاجِلا أَفَأَضْرِبهُ؟ وَهَذَا مِمَّا سبق استقصاؤه ايضا، وَأَوْمَأَ إِلَى انقسام الْكَلَام فَمن مُخَصص فِي مجاري الْكَلَام لم ينتف مَا سواهُ، وَمن مُخَصص بِأحد أَوْصَافه انْتَفَى مَا سواهُ وَهَذَا بِعَيْنِه مَا قدمْنَاهُ فِي مسالة الْعُمُوم والأوامر.
[815] وَمِمَّا جدده فِي هَذِه المسالة أَن قَالَ: قد وافقتمونا على أَن أَسمَاء الألقاب لَا دَلِيل لَهَا فِي النَّفْي، وخصصتم الدَّلِيل بالأوصاف وَمَا يضاهيها، وَهَذَا تحكم مِنْكُم على اللُّغَة فَإِن الثَّابِت فِي أصل وَضعهَا أَن الْأَسَامِي إِنَّمَا وضعت لتمييز المسميات وَالْعلم بِأَعْيَانِهَا سَوَاء كَانَت الْأَسَامِي ألقابا أَو أعلاما أَو لم تكن كَذَلِك وَكَانَت مُشْتَقَّة من أَوْصَاف فَمن أَرَادَ أَن يزِيد على مَا ثَبت فِي اصل الْوَضع احْتَاجَ إِلَى دلَالَة.
[816] فَإِن قيل: فقد نفيتم طرق الْقيَاس فِي إِثْبَات اللُّغَات ونراكم تقيسون الْأَسْمَاء المشتقة على أَسمَاء الألقاب.
قُلْنَا: لم يخرج كلامنا مخرج الْقيَاس وَلَكنَّا قُلْنَا: الثَّابِت فِي النَّوْعَيْنِ من الْأَسْمَاء الدَّالَّة على المسميات وَثُبُوت الْعلم بِأَعْيَانِهَا، فَمن أَرَادَ الزِّيَادَة على ذَلِك أَو التحكم بِالْفَصْلِ بَين النَّوْعَيْنِ من الْأَسْمَاء لم يكن بِأولى من يعكس عَلَيْهِ دَعْوَاهُ، وَإِن ركب بعض الْقَائِلين بِالْمَفْهُومِ وَزعم أَن تخصص أَسمَاء الألقاب كتخصص الْأَسْمَاء المشتقة فنبين لهَؤُلَاء انتسابهم إِلَى جحد الضَّرُورَة ثمَّ نقطع الْكَلَام عَنْهُم.
] 817] وَوجه الْإِيضَاح فِيهِ أَن نقُول: نَحن نعلم ضَرُورَة أَن أهل اللُّغَة لم يضعوا قَوْلهم: رَأَيْت زيدا لنفي الرُّؤْيَة عَمَّا عدا زيد من مَكَانَهُ وثيابه

الصفحة 187