كتاب التلخيص في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

على أَن مَا قَالُوهُ يبطل بالنسخ.
فَهَذِهِ شبههم، وَله طرق من الْكَلَام آئلة إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ.
[868] ثمَّ قَالَ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ: إِذا ثَبت بِمَا قدمْنَاهُ بطلَان كل مَا عولوا عَلَيْهِ فِي ادِّعَاء الاستحالة فَلَيْسَ بَين الاستحالة وَالْجَوَاز رَقَبَة فَإِذا بَطل كل شُبْهَة لَهُم فِي ادِّعَاء الاستحالة فَلَا يبْقى بعْدهَا إِلَّا جَوَاز تاخير الْبَيَان.
[869] عُمْدَة الْقَائِلين بِالْجَوَازِ:
وَمِمَّا عول عَلَيْهِ الْقَائِلُونَ بِجَوَاز تَأْخِير الْبَيَان أَن قَالُوا الْمَقْصُود من الْبَيَان فِي الْخطاب أَن يقدم الْمَأْمُور بِهِ على فعل الْمَأْمُور بِهِ كَمَا أَمر بِهِ فَإِذا كَانَ [98 / ب] الِامْتِثَال مُؤَخرا عَن وُرُود اللَّفْظ، فَلَيْسَ فِي تَأْخِير الْبَيَان اسْتِحَالَة / وَالَّذِي يُحَقّق ذَلِك أَن الْقُدْرَة إِنَّمَا شرطت فِي التَّكْلِيف ليتصور من الْمُكَلف الْإِقْدَام على مَا كلف فَلَو كَانَ الْأَمر مُتَقَدما والامتثال مُتَأَخِّرًا فَإِنَّمَا يشْتَرط مُقَارنَة الْقُدْرَة لحَال الِامْتِثَال، فَإِن الْمَقْصُود بِالْقُدْرَةِ الِامْتِثَال، وَكَذَلِكَ سَبِيل الْبَيَان، وَلَا تستقل بك الدّلَالَة إِلَّا بِقَيْد تودعه فِيهَا، فَنَقُول: إِن نَظرنَا إِلَى التخاطب وَمَا يُفِيد مِنْهُ وَمَا يجوز إِطْلَاقه فِيمَا رَأينَا، فَمن التخاطب ألفاظا مشكلة تطلق أَولا ثمَّ تبين بعد حِين، وَمن أنكر ذَلِك فقد راغم نشر اللُّغَة ونظمها، فَلَا استمالة فِي الْإِطْلَاق إِذا، والاستحالة تؤول إِلَى التَّكْلِيف، فَإِن الِامْتِثَال مُتَأَخّر، وَالْبَيَان إِنَّمَا شَرط لَهُ.
[870] وَمِمَّا اسْتدلَّ بِهِ أَصْحَابنَا أَن قَالُوا: النّسخ تَخْصِيص فِي الزَّمَان، والتخصيص.

الصفحة 218