كتاب التلخيص في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)
التَّرَدُّد فنظيره من القَوْل مَا هُوَ على التَّرَدُّد، وَلَو [و] ردَّتْ لَفْظَة مترددة بَين احتمالات لَا سَبِيل إِلَى الْجمع بَينهمَا، واللفظة حَقِيقَة فِي كل وَاحِدَة مِنْهَا فَلَا سَبِيل إِلَى حمل اللَّفْظَة على بَعْضهَا بل يتَوَقَّف فِيهَا إِلَى الْبَيَان، فَهَذِهِ سَبِيل الْأَفْعَال، فَهَذِهِ عمدهم إِذا زَعَمُوا أَن الْوُجُوب الِاتِّبَاع مُسْتَدْرك عقلا.
[900] وَأما من ذهب مِنْهُم إِلَى أَن ذَلِك يثبت سمعا فقد اسْتدلَّ بآي من الْكتاب مِنْهَا: قَوْله تَعَالَى: {فَاتَّبعُوهُ} ، قَالُوا: وَهَذَا أَمر، وَالْأَمر على الْوُجُوب.
قُلْنَا: لَا نسلم أَن الْأَمر على الْوُجُوب، وَقد قدمنَا فِي ذَلِك صَدرا من الْكَلَام مغنيا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
ثمَّ لَا نسلم لكم الْعُمُوم لتعمموا ذَلِك فِي افعاله واقواله، على أَنا نقُول: ظَاهر الِاتِّبَاع ينبو عَن الطَّاعَة وَلَا تحقق الطَّاعَة إِلَّا فِي امْتِثَال الْأَوَامِر.
وَالَّذِي يحققه مَا قدمْنَاهُ من قَول الْقَائِلين أَن يمْنَع الْأمة وَهُوَ من اتِّبَاعه، وَلَا يعنون بِهِ أَنه يتصدر إذاتصدر وَيفْعل كل مَا يفعل الْآمِر، فَإِنَّمَا يؤول الِاتِّبَاع والامتثال والانقياد إِلَى امْتِثَال الْأَوَامِر.
[901] وَمِمَّا استدلوا بِهِ قَوْله تَعَالَى: (لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة
الصفحة 238