كتاب التلخيص في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

على الانقسام فِي نظم الْعَرَب ونثرها، وَسَائِر كَلَامهَا، وَكَذَلِكَ وجدنَا أَلْفَاظ صاحبالشريعة منقسمة فِي اقْتِضَاء الْعُمُوم وَالْخُصُوص، والألفاظ المحمولة على خلاف الشُّمُول تربي وتزيد على الْأَلْفَاظ المحمولة على الشُّمُول، وَقد تتبع الْمُحَقِّقُونَ على أقْصَى جهدهمْ أَلْفَاظ الْكتاب فَلم يَجدوا فِيهَا إِلَّا الفاظا محصورة على الْعُمُوم مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {وَالله بِكُل شَيْء عليم} ، وَمِنْهَا: {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} وَلَو تكلفت لم يبلغ هَذَا الْقَبِيل من الْأَلْفَاظ عشرا فَقَالَ أَرْبَاب التَّحْقِيق: اللُّغَات إِنَّمَا تثبت بالتوصل إِلَى أصل الْوَضع.
فَإنَّا أَخْطَأنَا ذَلِك فِيمَا يتفاهم مِنْهُ ارباب اللُّغَات، وَإِنَّمَا يعرف تفاهمهم بالْكلَام الْمَأْثُور الْمَنْقُول عَنْهُم / فِي مفاوضاتهم ومحاوراتهم، وَقد [71 / أ] استد طَرِيق نقل أصل الْوَضع لما قدمْنَاهُ أَولا، فَلم نجد مفزعا إِلَّا طَرِيق المحاورات فَوَجَدنَا مَا فِيهِ كلامنا على الانقسام. [603] فَإِن قيل: فَبِمَ تنكرون على من يزْعم أَن الْمُسْتَعْمل من الصِّيَغ على الْخُصُوص مجَاز؟ قيل: فَبِمَ تنكرون على من يَقُول لكم من أَصْحَاب الْخُصُوص إِن الْمُسْتَعْمل على الشُّمُول مجَاز، فَلَا تفزعون فِي ادِّعَاء الْحَقِيقَة إِلَى أصل الْوَضع وَلَا إِلَى اسْتِعْمَال، فَإِنَّكُم إِن فزعتم إِلَى أصل الْوَضع لم تَجدوا فِي تَحْقِيقه طَرِيقا، وَإِن فزعتم إِلَى الِاسْتِعْمَال وجدْتُم الصِّيَغ

الصفحة 37