كتاب التلخيص في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)
لتحَقّق ارْتِفَاع الضَّرُورَة بجملة وَاحِدَة وَلَكِن يصرفهُ إِلَيْهَا وَضعهَا، فَبَطل التعويل على الضَّرُورَة.
ثمَّ نقُول: فَإِن كَانَ الْمعول على الضَّرُورَة فَهَلا صرفتموه إِلَى الْجُمْلَة الأولى أَو إِلَى الْجُمْلَة المتوسطة فَمَا لكم خصصتموه بالأخير؟
[666] وَالَّذِي يُوضح فَسَاد مَا قَالُوهُ إِن الْجمل إِذا تعاقبت فَلَو قدرت الْجُمْلَة الْأَخِيرَة مُنْفَرِدَة على صدر الْكَلَام وسوابقه لم يكن منتظما إِنَّمَا يَنْتَظِم الْكَلَام بمفتحه، وهلا صرفتم الِاسْتِثْنَاء إِلَى الْجُمْلَة الَّتِي صدر بهَا الْكَلَام.
ثمَّ نقُول: إِن كُنْتُم من الْقَائِلين بِالْعُمُومِ فبمَا تنكرون على من يزْعم من أَرْبَاب الْخُصُوص أَن اقل الْجمع هُوَ الَّذِي يحمل عَلَيْهِ اللَّفْظ، وتنتفي الضَّرُورَة فِي قَضِيَّة الصِّيغَة بِهِ فَيجب الِاكْتِفَاء بِهِ، فيلزمكم على طرد مَا قلتموه نفي الْعُمُوم، ثمَّ يبطل مَا قَالُوهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَة الله، فَإِنَّهُم وافقوا مخالفيهم فِي انْصِرَافه إِلَى سَائِر الْجمل؟
[667] شُبْهَة أُخْرَى لَهُم، فَإِن قَالُوا: إِذا اشْتَمَل الْكَلَام على أَحْكَام فِي جمل فقضية الْخطاب استيفاؤها، وَالِاسْتِثْنَاء لَو قدر ثُبُوته تضمن الْإِزَالَة فِي بَعْضهَا وَالْجُمْلَة الْأَخِيرَة مستيقنة، وَسَائِر الْجمل مستصحبة الْأَحْكَام إِلَى أَن يلْحقهَا اسْتثِْنَاء مستيقن.
الصفحة 86