كتاب التلخيص في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)
((127) فصل)
[675] اعْلَم أَن مَا جعل مَشْرُوطًا وَقَضِيَّة الْكَلَام، فَإِنَّمَا يتَحَقَّق ذَلِك فِيهِ إِذا كَانَ متوقع الْكَوْن من قرب الْوُجُود فِي الِاسْتِقْبَال، وَلَا يتَحَقَّق ثُبُوته إِثْبَات [79 - أ] شَرط متوقع فِي الِاسْتِقْبَال فَلَا يحسن مِنْك أَن تَقول: لَا أضْرب زيدا / بالْأَمْس حَتَّى يقوم عَمْرو، فَإِن الشَّرْط المتوقع لَا يسْتَند إِلَى مَاض، وَكَذَلِكَ لَا يحسن من الْقَائِم فِي قِيَامه الْكَائِن فِي الْحَال، وإيضاح ذَلِك بالمثال، أَن تَقول لَا أضْرب زيدا حَتَّى يقوم عَمْرو، إِنَّمَا أردْت نفي الضَّرْب فِي الِاسْتِقْبَال، وَلَا يحسن مِنْك أَن تَقول: لَا أضْرب زيدا بالْأَمْس حَتَّى يقوم عَمْرو، فَإِن الشَّرْط المتوقع لَا يسْتَند إِلَى مَاض وَكَذَلِكَ لَا يحسن من الْقَائِم فِي قِيَامه أَن يَقُول: لَا أقوم حَتَّى يقوم زيد، وَهُوَ قَائِم فِي حَال صُدُور القَوْل مِنْهُ، وَإِنَّمَا ذَلِك لِأَن مَا جعل مَشْرُوطًا لَا يتَحَقَّق ثُبُوته إِلَّا مَعَ شَرطه، فَإِذا علق على مَا انْقَضى مَشْرُوط سَيكون فقد أحَال، فَإِن مَا مضى كَانَ عَارِيا عَن الشَّرْط فَكيف يحسن الْجمع بَين ذَلِك وَبَين نِسْبَة الشَّرْط إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْمَعْنى الْكَائِن فِي الْحَال كَيفَ يجوز أَن يشْتَرط فِيهِ مَا سَيكون، وَلَو كَانَ شرطا فِيهِ لقارنه. فَهَذَا فِي الْمَشْرُوط.
[676] فَأَما الشَّرْط فقد زعم قوم أَنه لَا يجوز أَن يكون شرطا إِلَّا بعد أَن يكون متوقعا فِي الِاسْتِقْبَال كَمَا لَا يكون الْمَشْرُوط إِلَّا مُسْتَقْبلا.
قَالَ القَاضِي رَضِي الله عَنهُ: وَهَذَا فِيهِ نظر، فقد يَقع الشَّرْط كَائِنا فِي
الصفحة 92