كتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء (اسم الجزء: 2)

وفي ثامن عشره جلس الظاهر للناس في المجلس الذي كان يجلس فيه أبوه بقصر الذهب، ودخل الناس إليه من باب العيد على طبقاتهم. ودخل ناصر الدولة حسين بن الحسن ابن حمدان، متولى طرابلس، وقد صرف عنها، فتلقى بالبنود وعدتها أربعون بنداً ملونة، وخمس بنود مذهبة، وعدة من الطبول؛ فقبل التراب، ثم قبل يد الظاهر، هو والشريف الحسني ابن موسى المقيم بدمشق؛ ووقفا؛ فأمرا بالجلوس على يسار القائد معضاد فجلسا. ثم انقضى السلام وانصرف الناس. فلما كان وسط النهار نزلت طائفة من جواري القصر في طائفة من الخدم إلى دار الجوهر ودار الصرف ودار الأنماط، فابتاعوا ما أحبوا. وعادوا.
ولسبع بقين منه ركب الظاهر بغير مظلة في عساكره ومراكبه إلى مسجد تبر، وعاد؛ ثم نزل عقب ذلك مختفيا إلى الجزيرة والبساتين. وركب من الغد في العشاريات إلى الجيزة وما والاها، وعاد. وفي عشية السبت، لست بقين منه، غرق حدث في النيل، فطرده الماء إلى الشط، وأراد أهله حمله، فمنعهم أصحاب الشريف أبي طالب العجمي، متولى الصناعة، من ذلك، وطالبوهم عنه بدينارين وقيراطين، واجب الصناعة من حق من غرق في النيل، فدفع إليهم ذلك، وحمل الرجل حتى غسل ودفن في يوم الأربعاء.
ولليلتين بقيتا منه جلس الظاهر في قصر أبيه بباب الذهب على سريره المصقول المذهب، وعليه ثوب دبيقي معلم، وعمامة شرب مثقل مذهبة، وتحته فرش دبيقي مذهب، ودخل الناس من باب العيد فسلموا، وجلس من عادته الجلوس ساعة؛ ثم انصرفوا.
وفي هذا الشهر ارتفع السعر من أجل أن المراكب الواصلة بالقمح أخذت كلها ورفعت إلى القصر من المقس. وفيه طاف العامة والسوقة أسواق مصر بالطبول والأبواق يجمعون من التجار والباعة ما ينفقونه في مضيهم إلى سجن يوسف، فقيل لهم شغلنا بعدم الأقوات يمنعنا عن هذا. فأنهوا حالهم إلى الظاهر، فرسم لشافي الدولة أبي طاهر بن

الصفحة 144