كتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء (اسم الجزء: 2)

من وراء ستر؛ فذكر الدعاة أسرار مذهبهم على غرة منهم وغفلة بما دبر عليهم، وبغراخان يستخبرهم حتى صرحوا بعقائدهم. فأخرج حينئذ عبد الملك ونصراً، وقبض على الدعاة وقيدهم، ونادى في الناس ليجتمعوا، وقد نصب جذعا، وصلب عليه الدعاة واحدا بعد واحد، ورماهم بالنشاب، فقتل منهم ستة عشر رجلا، وذبح منهم واحدا بين يديه، ذبحه بعض عبيده فأعتقه؛ وتصدق بمائة ألف درهم. وتتبع كل من في أعماله من الدعاة، فقبض على مائة وثلاثة وثلاثين رجلا، وأوثقهم بالحديد، وألقاهم في جب مظلم؛ وكتب إلى جميع بلاد ما وراء النهر بقتل من عندهم من هذه الطائفة. وكتب إلى بغداد بما فعله، فقدم رسوله في هذه السنة، فأجيب بالشكر والثناء.
وفيها سير المستنصر إلى قرواش بن المقلد أعلاماً وخلعاً، فلبسها؛ فأنفذ إليه الخليفة القائم من بغداد يعاتبه على ذلك؛ فاعتذر، ولبس السواد، ورجع عن دعوة المستنصر.

الصفحة 193