كتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء (اسم الجزء: 2)

زناتة من بعد صنهاجة، وغلبوهم على الضواحي واتصلت الفتنة بينهم فخربت إفريقية بأسرها، وصيروا البربر لهم خولاً. ومات المعز بن باديس سنة أربع وخمسين وأربعمائة.
وكان المستنصر لما بعثهم إلى إفريقية جعل المؤنس بن يحيى المرداسي ولاية القيروان وباجة، وأعطى زغبة طرابلس وقابس، وجعل الحسن بن مسرة في ولاية قسنطينة؛ فلما غلبوا صنهاجة ملك كل منهم ما عقد عليه، فاشتد عيثهم وإفسادهم.
وفيها كانت وقعة البحيرة. وذلك أنها في إقطاع بني قرة وقد ملكوها وعمروا ضياعها، وكثرت فيها أموالهم واشتدت شوكتهم، وخشن جانبهم، وكثر المقدمون فيهم حتى انتشر ذكرهم، وذل لهم عددهم؛ وثقل أمرهم على الولاية بالإسكندرية؛ فجاورهم الطلحيون واستذموا منهم، وكانت لهم واجبات على الدولة من غير إقطاع، وهم يأخذون واجباتهم محمولة مع واجبات العسكر بالإسكندرية عندما تحمل إليها. فاتفق أن ناصر الدولة ابن حمدان أبا نصر الدولة حسين كان واليا بالإسكندرية. فاستحق الطلحيون على الدولة، عن واجباتهم المذكورة، ثلاثة آلاف دينار، فواصلوا اقتضاء ناصر الدولة إنفاقهم فيهم، فوعدهم؛ وكتب إلى الحضرة يلتمس ذلك؛ فوعده الوزير أنه إذا حمل إلى رجال العسكر استحقاقهم حمل ذلك في جملته. وكان قد بقى على حمل المال شهران، فاستبعدوا الصبر إلى ذلك الوقت وواصلوا مطالبته؛ وحملوا القريين على معونتهم

الصفحة 218