كتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء (اسم الجزء: 2)

الاعتقال بمصر حتى نفاه إلى تنيس، في صفر، ومعه نساؤه وأولاده وحاشيته، فاعتقلوا بها.
ثم شرع البابلي في التدبير على قتله. قال الشريف فخر الدولة ومجدها، نقيب نقباء الطالبيين: قال لي مولانا يعني المستنصر يا فخر الدولة؛ ما رأيت أوقع من البابلي؛ وذلك أن اليازوري لم ينته إلى ما صار إليه من عظيم المنزلة إلا بعد أن تقدم له من المآثر والآثار في الدولة وما فتح على يديه ما هو معلوم مشهور، وكان يرتقي بذلك درجة بعد درجة إلى أن انتهى إلى ما انتهى إليه؛ والبابلي فمن أول يوم استخدمناه استدعى المنزلة التي لم يصر ذلك إليها إلا بعد عدة سنين، فأجبته إليها، وقلت ترى تساعده الأقدار بأن يكون مثل ما كان ذلك الرجل. ومنها أنه كان إذا حضر بين يدي يكثر التثريب على اليازوري ويذكره بالقبيح ظناً منه تطلعنا إلى عوده إلى الأمر، وليثبت في نفوسنا سوء الرأي فيه. ولم نعلم أن غرضه قتله إلى أن كان اليوم الذي سقت عليه الأتراك ووطئوا دراعته، فإنه لما دخل إلي قال: يا أمير المؤمنين، إنه لا ينفذ لك أمر ولا يتم لي نظر وهذا الكليب في قيد الحياة. فقلت: ومن هو ذلك الكليب؟ فقال: علي ابن عبد الرحمن اليازوري. فقلت: أيها الوزير، اعلم أني لم أصرف الوزير عن خدمتنا ولنا في إعادته رغبة، فطب نفساً ودع ذكره، فأنت آمن مما تخافه من جهته. فقال: والله إن هذا لعجب من حسن مقامك يا أمير المؤمنين عنه مع قبيح فعله، وما هم به من قتلك، حتى إن السقية أقامت تدور في قصرك أسبوعاً كاملاً. فقلت: أيها الوزير، أقامت السقية تدور علي في قصري أسبوعا كاملا؟ فقال: نعم. فأطرقت متعجباً، وبقيت،

الصفحة 241