كتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء (اسم الجزء: 2)

متفكراً في ذلك، أصرف الظن بين تصديقه وتكذيبه، ثم أقول، لو لم يطلع على ذلك لم يذكره. فأمسكت، فظن بإمساكي أنني راض بما يفعله معه؛ وخرج فاستدعى طاهراً كاتب السر وسيره لقتله. ونمى الخبر إلى مولاتنا الوالدة، فأنكرت ذلك ودخلت إلي، فقالت: أنت يا مولانا أمرت البابلي بقتل اليازوري! فقلت: لا. فقالت: قد سير طاهر ابن غلام لقتله. فاستدعيت سعيد السعداء وأنفذته إليه، وقلت له: قل له لم يأمرك بقتله، فأنفذ من يعيد طاهراً ويمنعه من النفوذ. فألفاه صاحب الرسالة في الحمام، فاعتذر إليه، فقال: لا بد من الدخول؛ ودخل وأدى الرسالة إليه؛ فقال: أخرج وأسير من يعيده. وطول في الحمام ثم خرج، فإلى أن كتب الكتاب وسير به النجاب سبقه ذلك إلى تنيس، فلم يصل حتى نفذ الحكم فيه.
ولما وصل طاهر إلى تنيس أوصل كتاب البابلي إلى جمال الدين صبح يذكر فيه: إنا قد سيرنا طاهراً فيما أنت تقف عليه من جهته، فتثبت منه، وتحضر معه لإنجازه وتحذر من تأخيره من اليوم إلى الغد. فقال: وما الذي وصلت فيه؟ فأخرج تذكرة بخط البابلي فيها: إذا وصلت يا طاهر أعزك الله إلى تنيس وقد سغبت ولهثت من العطش، فلا تبل ريقك بقطرة دون أن يحضر علي بن حسن بن عبد الرحمن اليازوري إلى دار الخدمة، وتمضى حكم السيف فيه؛ فد كتبنا إلى الأمير جمال الدولة بمعونتك على ما يستدعيه ذلك؛ فقدمه ولا تؤخره إن شاء أحد. فقال له: أنت خليفة صاحب الستر ومرسل من جهة السلطان، والأمر الذي وصلت فيه ممتثل، فأمض الحكم فيه. وأنفذ من يحضر اليازوري من معتقله، والصقالبة والسعدية خدام الستر وقوف، والسياف قائم. فقال له طاهر: يا حسن، يقول لك مولانا أين أموالي؟ فلم يجبه ولم يرفع طرفه إليه. فقال له: إياك أخاطب يا حسن بن علي بن عبد الرحمن، يقول لك أمير المؤمنين أين

الصفحة 242