كتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء (اسم الجزء: 2)

أسرع إلى أبي العباس الشاشي، وكان يتولى ديوانه؛ فلما حضر قال: ما في حاصلك من إقطاعنا؟ فقال: ثلاثة آلاف دينار وكسر، فأحضرها، وقال لأبي العلاء: خذ هذه الثلاثة آلاف دينار وامض بها إلى البابلي وخصه بسلامنا، وقل له: قد سوأتنا بما ذكرته من مرضك وما انتهت إليه حالك، والله تعالى يهب عافيتك ولا يغمنا بك. فأما ما سألت من مراعاتك في ولديك والمنع منهما، فلو لم تسأل في ذلك حفظناك فيهما وراعيناهما لك. وأما ما ذكرته من دينك فقد أنفذنا إليك ما تقضيه به. فلما أخذ المال وخرج من القبة قال ارجع يا عبد الغني، فعاد إليه فأخذ درجاً ووقع إلى ديوان الخاص بثلاثة آلاف دينار، وكان له فيه إقطاع، وقال امض إلى الجهبذ بهذا التوقيع فإن كان في حاصله هذا القدر، وإلا قل له يقترض من بيت المال إلى أن يستخرج شيئاً فيحمله إليه به عوضاً عنها؛ واحمل الجميع إلى البابلي. فلم يحتمل أبو العلاء الصبر عن الكلام وقال: يا سيدنا، ما يقنعك تحمل إليه ثلاثة آلاف دينار حتى تضيف إليها مثلها فتصير ستة! فقال: يا وحش إذا قضى دينه بهذه الثلاثة الآلاف ما يحتاج أن يستدين بعدها، فينفق من هذه الأخرى ولا يستدين. فقال له: والله يا سيدنا إنك لأكرم نفساً من البرامكة، لأن أولئك كانوا يجودون من سعة وأنت تجود من ضيق، ولا نسبة بين ما تنظر فيه وما كانوا ينظرون فيه. وخرج فأوصلها إليه. فلما قبض على اليازوري كان أعدى العالم له، وكفر نعمته وإحسانه، وتجرد له حتى قتله.
وحكى فخر الدولة قال: استدعاني مولانا المستنصر وقال لي يا فخر الدولة، هل

الصفحة 249