كتاب اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء (اسم الجزء: 2)

لا يعلم به أحد. فتحقق لي كذبه فيما حكاه؛ وهذا أقوى الأسباب في صرفه، لأن من ليس له عقل يميز به ما يخرج من فمه، لا سيما في مثل هذا الأمر الخطر الكبير، لم يجز أن يوثق به في تدبير مزبلة، والخوف من جنايته على الدولة برقاعته ونقص عقله أكثر من الطمع في الانتفاع بنظره.
وكان صرف البابلي على الوزارة في شهر ربيع الأول وله في الوزارة اثنان وسبعون يوماً؛ فلما صرف قبض عليه واعتقل. وكان النهار لا يكاد يرتفع ويتأخر ما يحمل إليه من الطعام إلا ويتسغيث ويقول: ما يتم حبس وجوع. وكان يبدو منه في محبسه من القول ما يعرب به عن مستحكم الرقاعة والجهل، فكان الموكلون به يتعجبون من فرق ما بينه وبين اليازوري، فإن ذاك كان ساكن الطباع كثير الصمت شريف النفس مع حداثة سنه، وهذا شيخ يظهر منه من الخفة والطيش والجهل مع الشيخوخة ما يضحك منه.
فيها تولى الوزارة بعد البابلي أبو الفرج محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين بن المغربي. وفيها تولى قضاء القضاة عوضاً عن اليازوري أبو علي أحمد بن عبد الحكم بن سعيد، إلى ذي القعدة، وصرف بأبي القاسم عبد الحاكم بن وهب بن عبد الرحمن المليجي. وتولى المؤيد في الدين أبو نصر هبة الله بن موسى داعي الدعاة.

الصفحة 251