كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 2)

وقوم يزعمون أن المتكلم بهذا الكلام غير أَبِي صفرة، وأن أبا صفرة كَانَ توجه مَعَ ابْن عَبَّاس إِلَى صفين فمات فِي الطريق.
«480» قَالُوا: وقام صبرة فَقَالَ: يَا قوم هبوا لنا أنفسكم وامنعوا جاركم.
وبعث تميم إِلَى الأزد: أن أخرجوا صاحبكم ونخرج صاحبنا فنبلغ كُلّ واحد مِنْهُمَا مأمنه، ثُمَّ يكون لنا أمير ولكم أمير حَتَّى تتفق النَّاس عَلَى إمام.
فأبت الأزد ذَلِكَ وَقَالُوا: قد أجرنا زيادًا ولن نخذله وَلا نسلمه وَلا نصير إِلَى شَيْء دون إرادته.
فكتب زياد إِلَى علي بخبر بَنِي تَمِيمٍ، فلما وصل إِلَيْهِ كتابه دعا أعين بْن ضبيعة المجاشعي فَقَالَ لَهُ يَا أعين أما بلغك ميل قومك مَعَ ابْن الْحَضْرَمِيّ عَلَى عاملي ونصرتهم له التماسا بشقاقي ومشايعة للقاسطين إليّ؟!!! قَالَ: فابعثني إِلَيْهِ أكفك إياه. فبعث بِهِ وكتب مَعَهُ إِلَى زياد يعلمه أنه وجهه ليفرق قومه عَن ابْن الْحَضْرَمِيّ فَإِن تفرقوا عنه وخذلوه (فهو) وإلا انهض إلى ابن الحضرمي بمن أطاعك وتبعك منهم ومن غيرهم [1] فحاكمه إِلَى اللَّه وحده لا شريك لَهُ وحاربه.
فلما قدم أعين بْن ضبيعة الْبَصْرَةَ، اجتمع إِلَيْهِ وجوه قومه فوعظهم ثُمَّ خرج بجماعة منهم فلقيت جماعة من أصحاب ابْن الْحَضْرَمِيّ فناوشوهم ثُمَّ تحاجزوا، ورجع أعين إِلَى منزله وتبعه عشرة يظن الناس أنهم خوارج- وكانوا من قيس (ظ) - فلما آوى إِلَى فراشه بكعوه بأسيافهم عَلَى الفراش [2] فخرج عريانا يعدو فلحقوه فقتلوه بالطريق.
__________
[1] هذا هو الظاهر، وفي النسخة: «وإلا نهض إِلَى ابْن الْحَضْرَمِيّ بمن أطاعه وتبعه» إلخ.
[2] يقال: «بكعه- من باب منع- بكعا» : ضربه ضربا عنيفا على مواضع متفرقة من الجسد. بكته. استقبله بما يكره.

الصفحة 428