كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 2)

فيه شيئا، فقال: يا أمير المؤمنين الخطأ لا يعرى منه الناس وتدبّرت الكتاب خوفا من أن أكون قد أغفلت شيئا وقف عليه أحمد بن يحيى فلم أر ما أنكره، فليعرّفنا موضع الخطأ. فقال المتوكل: قل لنا ما هو هذا الخطأ الذي وقفت عليه؟ فقلت: هو شيء لا يعرفه إلا علي بن يحيى المنجم ومحمد بن موسى وذلك انه أرّخ الشهر الرومي بالليالي، وأيام الروم قبل لياليها، فهي لا تؤرخ بالليالي وإنما يؤرخ بالليالي الأشهر العربية، لأن لياليها قبل أيامها بسبب الأهلة. فقال إبراهيم: هذا ما لا علم لي به، ولا أدعي فيه ما يدعي. فغيّر تاريخه.
قال البلاذري: قال لي محمود الوراق: قل من الشعر ما يبقى ذكره ويزول عنك إثمه. فقلت:
استعدّي يا نفس للموت واسعي ... لنجاة فالحازم المستعدّ
قد تثبّت انه ليس للحيّ خلود ... ولا من الموت بدّ
إنما أنت مستعيرة ما سو ... ف تردّين والعواري تردّ
أنت تسهين والحوادث لا تس ... هوا، وتلهين والمنايا تجدّ
لا ترجّى البقاء في معدن المو ... ت ودار حقوقها لك ورد
أي ملك في الأرض أم أيّ حظّ ... لامرء حظّه من الأرض لحد؟؟
كيف يهوى امرؤ لذاذة أيّا ... م عليه الأنفاس فيها تعدّ
قال المرزباني في معجم الشعراء: بلغني أن البلاذري كان أديبا راوية، له كتب جياد، ومدح المأمون بمدائح، وجالس المتوكل ومات في أيام المعتمد، ووسوس في آخر عمره، ومن شعره:
يا من روى أدبا ولم يعمل به ... فيكفّ عادية الهوى بأديب
ولقلّما تجدي إصابة صائب ... أعماله أعمال غير مصيب
حتى يكون بما تعلّم عاملا ... من صالح فيكون غير معيب

الصفحة 8