كتاب أعلام من أرض النبوة (اسم الجزء: 2)

141 ...
وهو مليء بالعلم وبرأسه أفكاراً إصلاحية كثيرة، وما لبث أن استقر حتى بدأ يلقي دروساً بمسجد السوق العتيق، وبدأ بتغيير تلك المعتقدات التي كانت موجودة رويداً رويداً، من ذبح ونذر وتقديس، وكان يواجه بالصد، ولكنه بروح الصبر والجلد استطاع أن يغير الباطل ويعرف الناس معنى " لا إله إلا الله محمداً رسول الله " وقد ركز على التوحيد السلفي والفقه الإسلامي والتاريخ وعلوم اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة وعروض وشعر، وأصبح يؤم حلقته جمع غفير من الكبار والصغار، وبدأ الوعي الديني ينتشر، وقد فتح بذلك صفحة جديدة من صفحات الجهاد المقدس في سبيل نشر العقيدة والدعوة إلى الرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومحاربة البدع والخرافات. وقد كان الشيخ أحد المؤسسين لجمعية العلماء المسلمين بالجزائر ورئيساً لشعبتها في جنوب الجزائر.
وقد لقي في نشر الدعوة تلك المتاعب من أولئك الطغاة الفرنسيين لأنه لم يخضع لأحكامهم الجائرة وغاياتهم السيئة في نشر الفساد في تلك البلاد الإسلامية، وأخذ الشيخ في نشر دعوته سرّاً بينه وبين أتباعه لمقاومة الاستعمار وأخذ بنشرها بين المواطنين الذين استجابوا لدعوته واتبعوه.
وعندما يشعر الفرنسيون بمبادئ الحركة يقبضون على الزعماء ويلقونهم في المعتقلات أو يقتلونهم، ولكن كل هذه الأحداث لم تضعف من عزم شيخنا في نشر العلم والدعوة إلى الله.
ولم يكتف الفرنسيون بهذا بل أنهم تدخلوا حتى في سياسة التعليم وذلك لقتل اللغة العربية طبقاً لسياسة فرنسا والجزائر وحرصوا على تنصيرهم لدمجهم في نهاية المطاف بالكيان الفرنسي، وتدعيمهم لأصحاب البدع والخرافات حتى لا يقاومونهم.
لقد لقي الشيخ عمار الكثير من المتاعب، ومن هذه الحوادث التي وقعت له (1): أن أهل باب الشرقي كانوا أحباباً - أي وموالين - لأهل البدع والخرافات، وكان منزل الشيخ في القج بباب الشرقي، فكانوا كلما يمر أحدهم بمنزله يرمي الحجارة وسط فناء بيته
__________
(1) نقلاً عن محمد الصالح بن عبد الله.

الصفحة 141