كتاب أعلام من أرض النبوة (اسم الجزء: 2)

142 ..
مما أدى إلى إيذائه، وكانت زوجته وأولاده لا يخرجون إلى وسط الفناء إلا للضرورة، ويمشون تحت الحائط من بيت لآخر خوفاً من الأذى، وفضلاً عن ذلك كانت تتحطم لهم الأواني التي يملآون فيها الماء وهي القلل، وكان رحمه الله في كل يوم يخرج في حجره الحجارة التي كانوا يرمونها في منزله. ولم يكتفوا بذلك فأطلقوا عليه أذنابهم وشعراءهم يشنونه ومن هؤلاء الشاعرة بنت حورية زوجة ولد خشخوش أمها للفوار أخت بشره، ومن ضمن ما قالته في الحضرة تشني في الشيخ عمار بن الأزعر رحمه الله:
وعلى لقرع التقدود ... القاري على ليهود
والله لضاربيه
راه جاء واحد من تونس ... قاري على الطالبية
والالفرنسوية
ومن ضمن الحوادث التي وقعت له كذلك (2): الوشايات التي كانت ترفع من طرف المحاربين له إلى القائد الفرنسي بالوادي. ففي إحدى المرّات استدعى من طرف الضابط الفرنسي، فذهب إليه، وقد استقبله القائد بكل عجرفة وقال له بما معناه: لقد بلغني أنك تسب في نظام الحكم وفي فرنسا وتحرض الناس على فرنسا. وأصدر القائد قراراً بمنعه من الوعظ والإرشاد والدرس وحلقات الذكر في المسجد، وهدده في حالة مخالفته للأمر بسجنه في سجن " برج فطيمة " وهو سجن المعتقلين السياسيين قرب حاسي مسعود بالصحراء، ولما خرج الشيخ عمار من مكتب القائد كانت عيون العداء له خارج المكتب، وسأله صديقه ماذا قال لك الضابط؟ فقال: قال: إذهب درّس على نفسك لا يمنعك أحد، فبدت الخيبة على وجوه المحاربين له، وذهب ودرّس بعد صلاة المغرب من نفس اليوم في المسجد العتيق " الطلبة " بالسوق العتيق، وهذه الحادثة تدل على فطنة الشيخ وذكائه وسرعة بداهته.
وقد اتخذ الشيخ عمار من مسجد الطلبة ومنزله مركزاً لإشعاع العلم المبني على أساس كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعمل السلف الصالح، حتى أصبح ...
__________
(1) نقلاً عن بحث الأستاذ محمد الصالح زرود بن عبد الله.

الصفحة 142