كتاب أعلام من أرض النبوة (اسم الجزء: 2)

153 ...
هي الدنيا قد اتسعت ولكن ... لشاوك تسع أزهارها اتساعاً
فتلعب النشوة برأس الملك، نشوة الملك السلطان، فيغيب الملك ثم يحضر وبيده " درج " من " الأنفوري " الممتاز ويقول: هيا يامولانا " سوي " جبة، ويلقبه بقاضي المدينة بكل بساطة وسهولة ثم يقول له: " هيا وكل من تشاء حتى تصل " وهنا يشحذ الشيخ سنانه ويرجو توكيل أخيه الشيخ عبد الحفيظ في تسلم المحكمة من الشيخ الكماخي، كما يرجو تبديل رئيس الكتاب محمد رشيدي لأنه كان من غير أنصاره، ورئيس الكُتّاب في ذلك الحين صاحب شأن، ويرشح الشيخ محمود أحمد الفيض أبادي رئيساً للكُتّاب وكانت هذه الحادثة نهاية ذلك التنافس الشريف حول خدمة هذا البلد الطاهر. (1)
الكردي خطيب المدينة:
لقد اطلعت بنفسي على دفتر الأئمة والخطباء ورأيت أسماء الذين تصدروا للإمامة والخطابة في المسجد النبوي الشريف وكان منها اسم الشيخ عمر كردي وأنه من الخطباء الرئيسيين الذين استمروا زمناً طويلاً فيه من غير انقطاع. يقول الأستاذ ضياء الدين رجب عنه وعن مواقفه الخطابية على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنه كان خطيباً مفوهاً كانت تدوي بنبراته جوانب المسجد النبوي العظيم في أسلوب رائع من الأساليب الحاملة لراية التجديد في عصره، ذلك الأسلوب النقاد البحاث الموجه توجيهاً تتدرج به المناسبات ويتدرج بها نصحاً وإرشاداً صريحين نصوحين، لأنه يرى في الخطابة أداة من أدوات الإصلاح الديني والخلقي والاجتماعي ولم يكن خطيباً تقليدياً، ولم تكن الخطابة عنده وظيفة وراثية شريفة فحسب، ولكنه من الأئمة والخطباء المعدودين في المدينة المنورة " انتهى.
فقد شهدت المدينة له مواقف اشترك فيها مع كبار الخطباء الوافدين إلى المدينة المنورة في كثير من المناسبات ونشر الكثير منها في جريدة " القبلة "، ولا ننسى مجلسه الشهير الذي كان رمزاً من رموز الأدب ومعلماً من معالم التراث، وهو المجلس الذي كان هو منارته ...
__________
(1) اقتبست هذه الترجمة من ترجمة الشيخ ضياء الدين رجب في المنهل.

الصفحة 153