كتاب أعلام من أرض النبوة (اسم الجزء: 2)

175 ...
فيهما ثم درس على يد الشيخ محمد أمين كتبي والذي سمع منه بعض صحيح مسلم، لقد اشتهر الشيخ الشنقيطي بين شيوخه بحسن الفهم وأخذ العلوم بأوفر نصيب وأعلى قدر فقد كان بارعاً في العلم مجتهداً في طلبه انصرف يتزود بزاد العلوم والمعرفة وهو يافع السن فنال من العلم أوسعه.
دروسه في المسجد النبوي:
وعندما عاد إلى المدينة المنورة أخذ مكانه للتدريس في المسجد النبوي فعقد للعلم سوقاً فريداً بضاعته التدريسية نادرة فدرس وأفاد وانتفع به العباد والتف طلاب العلم حوله وآثروه على غيره لما لمسوا فيه من حكمة وموعظة حسنة فكانت حلقته بين باب الرحمة وخوخة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان يدرس في المسجد بعد كل فرض فن من فنون العلم فكان درسه بعد الفجر في تفسير كتاب الله وبعد الظهر في صحيح البخاري، وبعد العصر مغنى المحتاج في فقه الشافعية وبعد صلاة المغرب موطأ الإمام مالك وبعد العشاء صحيح مسلم خمس حلقات كل حلقة تفيض بالطلاب وكان رحمه الله في الحفظ يفيض في الحديث دون ملل أو كلل فرمى بسهمه في كل فن فهو بارع متمكن بحق في جميع العلوم، ويقول الدكتور نايف الدعيس (1):
فقد ضرب في كل فن من الفنون بسهم فإذا استعرض معاني كتاب الله قلت المفسر الذي لا يبارى وإذا حدث قلت المحدث الجهبذ الفريد وإذا تكلم في العربية وغيرها قلت الخطيب المفوه والعالِم النحرير.
وقد درس في المسجد النبوي صحيح البخاري بشرحه وختمه خمس مرات.
ودرس صحيح مسلم وختمه أربع مرات. ودرس الموطأ وختمه أربع مرات ودرس السيرة النبوية لابن هشام ثلاث مرات ودرس الرسالة في الفقه المالكي وأنهاها مرتين والبداية والنهاية لابن كثير في التاريخ مرة واحدة وسنن النسائي مرتين وجامع للترمذي مرة واحدة (2) وكان الشيخ الشنقيطي يتميز بصبر وجلد غريبين حيث أنه حتى في
__________
(1) مصاب جلل.
(2) المصدر نفسه السابق.

الصفحة 175