كتاب أعلام من أرض النبوة (اسم الجزء: 2)

23
تعد من الفترات المتأخرة، ولا يوجد بها ذلك التقدم، ولكن مع ذلك استطاع الشيخ الأسكوبي الظهور وإظهار شاعريته العظيمة، ولم يكن الأسكوبي وحده في المدينة والحجاز فقد كان معه في ميدان الأدب الحجازي علماء وشعراء مكيين ومدنيين أمثال الشيخ عبد الواحد الجوهري الأشرم المكي، والشيخ محمد العمري المدني، والشيخ عبد الجليل برادة والشيخ عمر كردي الكوراني، وغيرهم ممن لا يمكن حصرهم.
فقد طرق شاعرنا الأسكوبي جميع أبواب الشعر العربي التقليدية من مديح ورثاء ووصف وهجاء وغيرها.
يقول الدكتور الخطراوي: بالرغم من إعجاب الأسكوبي بأحمد شوقي والإقرار له بالشاعرية واعتبار الاجتماع به أمنية.
وبرغم إعجابه أيضاً بسليمان البستاني معرب الإلياذة وامتداحه على ما قام به من جهد في هذا التعريب، فإن شعره لم يتأثر بشعر شوقي ولا بأسلوب معرب الإلياذة ولا بغيرها من قريب أو بعيد، ولعل ذلك راجع إلى عدم توافر الوقت لديه لتمثل ما يحتك به من ثقافات أو إلى وفائه للسائد القديم (1).
أقول: إن شعر الأسكوبي يدل على أصالة جمعت بين القديم وشيء من التجديد، ولم يكن إعجاب الأسكوبي بشوقي والبستاني هو تقليدهم وعدم استطاعته على ذلك، بل إنه جدير بذلك وأكثر ولكنه كان معتزاً بقديمه ولا يرغب في تغييره. وفي نظري أن بالرغم من أن الأسكوبي قرأ العلوم الدينية وبرع فيها إلا أن ميوله الأدبية والشعرية طغت عليه، فبالرغم من أنه كان مدرساً في الحرم النبوي الشريف للفقه والحديث والتفسير والأدب وغير ذلك إلا أنه في الشعر اشتهر بين أقرانه، فلعله نظم الشعر في سن مبكرة من العمر ولكن لم نجد له ما يوحي بذلك والله أعلم. وقد قال عنه صاحب الموسوعة أنه من أبرز شعراء المدينة المنورة (2).
ويقول عنه عبد الله عبد الجبار" لم يكن الأسكوبي خطيب المسجد النبوي رجل دين يعنى بالثقافة الدينية فحسب وإنما كان إلى ذلك أدبياً يعنى بالثقافة الأدبية وبتزويد عقله بأنواع المعارف
__________
(1) مقدمة الديوان ص 14، 15 للدكتور الخطراوي.
(2) الموسوعة الأدبية لعبد السلام الساسي.

الصفحة 23