29
وفي الدماء، وحدٍّ، والديات، كذا يبقى لها الحكم في التقدير، والنصُّ
أريد منكم جواباً شافياً، فعسى حَبْرٌ يجيب، له في بحثه فحص
وبعد عرض هذه المختارات، وبعد أن طال بنا نفس القول في شعر الأسكوبي، ولكن القصد في دراسة هذا الشعر هو تصوير شخصية الترجمة ما أمكن، فإذا كان المترجم له عالماً أو شاعراً وجب أن نقدم صورة لانتاجه لتكون أصدق أداءً وأوفى تعبيراً. وإني أقول مخلصاً إني لم أوفي الشيخ حقه فهو من أولئك العباقرة الذين لا يمكن أن نوفيهم حقهم. ومن يرد الاستزادة من شعره فعليه بديوانه المطبوع الذي حققه حضرة الدكتور الفاضل محمد العيد الخطراوي حفظه الله وجزاه خير الجزاء.
الأسكوبي والسجن السياسي:
يعد الشيخ إبراهيم أول من فتح باب الشعر السياسي بين شعراء جيله لا سيما في الحجاز، وقد رجح المؤرخون أن أول قصيدة سياسية في الشعر الحجازي الحديث، هي القصيدة السياسية العصماء التي نظمها الشاعر الأسكوبي ينصح بها الحكام العثمانيين من غوائل الغربي وحكوماته، يوجهها بطريق صيحة وإرشاد وتنبية، ويثبت فيها أنه شاعر مسلم، ويظهر في كل بيت أنه مخلص كل الإخلاص لدولته العثمانية، وقد نظمها الشيخ الأسكوبي في أواخر العهد العثماني، وقبيل الحرب العالمية الأولى، ولعل السبب يعود في نظمها للصدمة التي منيت بها الشعوب العثمانية حين احتلت إيطاليا ولاية ليبيا وتخاذل العثمانيون إزاء ذلك الغزو الاستعماري، وحال ظهور القصيدة العظيمة والتي اختير لها اسم " الأسكوبية المدوية "، ثم قامت الصحف بإذاعتها والتعليق عليها، ولم يقصد الأسكوبي بهذه القصيدة الانفصال عن الترك كما كان كثيرون من رجالات العرب يؤمنون بهذه الفكرة في ذلك الحين، فكان يخاطب الدولة العثمانية على أنه عثماني كما يخاطبها أي رجل عثماني.
إن "الأسكوبية المدوية " كان لها الأثر الكبير في نفوس الشعوب، فقد كانت خارجة عن إحساس عميق خوفاً على تفكك الأمة الإسلامية، والخطر الذي يهدد الأمة وهذا ما