30
جعل الناس يلتفون وينتبهون، فطلب الشيخ الأسكوبي إلى اسطانبول من قبل أولي الأمر الاتحاديين وحاكموه على قصيدته، وهذا هو مصير المصلحين في كل مكان، ووجهوا له التهم المختلفة، ولكن الأسكوبي - ذلك العالم والشاعر المدني، الإمام والخطيب والمدرس بالمسجد النبوي، استطاع أن يجيبهم بما يقنعهم، حتى نجا من حبائل الشر، وفي نفس الوقت أخذ يناصره بعض رجال الدولة، وعندما اقتنعوا من براءته عرض عليه منصب كبير في وزارة المعارف، ولكنه رفض وعاد إلى المدينة المنورة معززاً مكرماً. هذه تضحية عظيمة من الشيخ الأسكوبي، ولكن الله كان معه حتى خرج من هذه المحنة بكل شرف، والقصيدة تعد من ستين بيتاً تقريباً، وها نحن نعرضها كلها، ونتمتع بقراءتها ونفخر بها ونترحم على قائلها.
يا آل عثمان فالمغرورُ من غُرا بأهل أوربةٍ، أو عهدهم طُرَّا
أتأمنون لِمتُورين دينهم أن للايروا منكم فوق الثرى حرا
تمالؤوا، فخذوا حذرا فإنهم يرون إبقائكم بين الورى ضرا
فهذه دولة الطليان حين رأت إسكولكم ليس يغني، فاجأت غدرا
وشقت البحر بالأسكول معجبة تختال تيها به، مغرورة سكرى
وأنزلت بطرابلس عساكرها فهل أُرُبَّةُ كفت عنكم الشرا
فما على من رأى لحما على وضم بجترّه غيرُه، لوْما إذا اجترّا
أتركنون لمن دب الضراء لكم ود عنقا يغادي سرحكم عقرا
دون الدنيئة إيثار المنَّيةِ في قوم من البغض ودُّوا محوكم مَكرا
لا تحسبوا أنهمْ ناسون ما فعلت أسلافكم بهمُ في سالفٍ مرّا
أو يجهلون التواريخ التي سُطِرَتْ ومنكمُ همْ بما في كتبكم أقرا
أو ما دروا ما الذي التنزيل أنزله من الجهاد وهذ صفحة تقرا
هي التي أنتم فيها منازلهم غصبتموها عليهم فاعلموا قهرا
من يجحد الشمس يجحد أنها لهم كانت فجعجعتم ملئا لها جبرا
أيقظتموها بضرب السهم فانتبهوا من نومهم ورقدتهم أنتم الدهرا