كتاب أعلام من أرض النبوة (اسم الجزء: 2)

39
بالحجارة السوداء المنحوتة والمباني. وهي الآن مدرسة طيبة الثانوية المعروفة بالمدينة المنورة.
فعندما تقدم المؤسس أحمد الفيض أبادي بطلبه الترخيص ببناء المدرسة قوبل بالرفض وطلب منه تقديم تبرع الثري الهندي إلى مشروع الجامعة الإسلامية التي تبنيها الدولة العثمانية.
وبهذا الرفض صدم الشيخ أحمد الفيض أبادي وظل ينتظر ماذا ستأتي به الأيام من أحداث، ولكن أمله في المدرسة ما زال قائماً.
ووقعت الحرب العالمية الأولى وكان وقوعها سبباً في القضاء على مشروع جامعة صلاح الدين الأيوبي، وقامت الحرب وهاجر أهل المدينة منها خوفاً من الجوع والعطش وهاجر أحمد الفيض أبادي مع مَنْ هاجر، وكانت هجرته إلى أدرنة في تركيا، ومكث هناك عدة سنوات، وعاد إلى المدينة سنة 1337 هـ ومازالت فكرة نشوء المدرسة في ذهنه كأنها جزء من نفسه.
وبعد سنتين من استقراره في المدينة، وفي عام 1339 هـ قدم للحج في تلك السنة أحد أثرياء الهند، وكانت هناك معرفة سابقة بينه وبين أحمد الفيض أبادي، فاقتنص الفرصة المناسبة ليتحدث إلى هذا الثري بما يدور في عقله عن إنشاء المدرسة بالمدينة المنورة، ففكر الرجل في هذا العمل الخيري ووعده خيراً، وحال عودته إلى موطنه الهند بعث إلى المؤسس أحمد الفيض أبادي أربعين جنيهاً ذهبياً كانت هي النواة الأولى للبدء في هذا المشروع الذي ظل المؤسس سنوات طويلة مشغولاً بكيفية إعداد العدة له.
وعندما وصل إليه المبلغ اشترى قطعة أرض بجوار المسجد النبوي الشريف وبدأ البناء فيها مستعيناً بالمبلغ الذي تلقاه من الثري الهندي وبما يصل إليه من تبرعات بعد ذلك وكانت البداية سنة 1340 هـ.
ولم يكن المبلغ الذي أرسله المحسن الهندي كاف للقيام بالعمل كاملاً، ففكر الشيخ أحمد الفيض أبادي باقتراض قيمة الأرض من أحد كبار تجار مكة المكرمة وهو الشيخ عبد الجبار الدهلوي ومن أخيه الشيخ محمود أحمد.

الصفحة 39