58 ...
النبوي الشريف وكانت همته قوية في طلب العلم، مجتهداً في تحصيله فبدأ يحضر حلقاته واحدة تلو الأخرى ويدرس على كبار المسجد يستمع لهم، لا تكاد تفوته كلمة حتى نال من العلم حظاً وافراً.
ولما كان يتميز به من الذكاء لم يكتف بذلك القدر الذي ناله، فالتحق بالمدرسة الرشيدية في عهد الدولة العثمانية وتلقى فيها اللغة التركية والعلوم الرياضية ومكث بها عدة سنوات، ثم انتقل إلى دار المعلمين ودرس العلوم الرياضية وبرع فيها، والحساب والهندسة والجبر وتعلم الرسم والجغرافيا والتاريخ وعكف على قراءة كتب الأدب حتى شفى غليلة العلمي منهما وقد تخرّج فيها برتبة ممتاز.
دروسه بالمسجد النبوي الشريف:
لقد خرج الشيخ أحمد صغيراً في طلب العلم، فاجتهد وكان طموحاً لا يقف عند حد فتفرس فيه شيوخه النجابة والنبوغ فأنزلوه مكانة عالية، واهتموا به، وأجازوه بالإجازات الضخام، وأمروه بالجلوس والتدريس، فتصدر رحمه الله للتدريس في المسجد النبوي الشريف، وتعد حلقته من كبار الحلقات في وقته، فعقد دروسه وأفاد وانتفع به العباد، وعقد للعلم وأهله سوقاً لا مثيل لها. إلا أنه كان لا يريح نفسه ولا يستقر في بلد، فهو يذهب إلى طلاب العلم، وينشر العلم في أي مكان يذهب إليه، فطلاب العلم يبحثون عنه ويفضلونه على غيره لما لمسوا فيه من إخلاص في التعليم، لذلك لم يستمر كثيراً مدرساً في رحاب المسجد النبوي الشريف.
أعماله وتدريسه:
عندما افتتح الشريف الحسين بن علي أربع مدارس بأسماء أبنائه الأربعة وهم فيصل وعلي وزيد وعبد الله بحيث أصبح أسماء المدارس: الفيصلية، والعلوية: والزيدية، والعبدلية عُين الشيخ أحمد مدرساً بها حتى أصبح مديراً للمدرسة العبدلية.
وعندما قامت الحرب العالمية الأولى وهاجر أهل المدينة منها بما سمي "سفربرلك" أو " تسفير فخري" انتقل الشيخ بأسرته إلى مكة المكرمة، البلد الأمين، بيت الله الكريم، وهناك عرف بين أهلها وأكرموا نزله، وطلبوه ليقوم في بعض المدارس الأهلية، فدرس