كتاب تفسير السمعاني (اسم الجزء: 2)

{وَلَوْلَا رهطك لرجمناك وَمَا أَنْت علينا بعزيز (91) قَالَ يَا قوم أرهطي أعز عَلَيْكُم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إِن رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيط (92) وَيَا قوم اعْمَلُوا على}
وَقَوله: {وَلَوْلَا رهطك لرجمناك} أَي: وَلَوْلَا عشيرتك لرجمناك، وَالرَّجم أقبح القتلات. وَقَوله: {وَمَا أَنْت علينا بعزيز} يَعْنِي: مَا أَنْت عندنَا بعزيز، وَإِنَّمَا نَتْرُكك لمَكَان رهطك.
قَوْله تَعَالَى: {قَالَ يَا قوم أرهطي أعز عَلَيْكُم من الله} مَعْنَاهُ: أمكان رهطي عنْدكُمْ أهيب وَأَمْنَع من الله تَعَالَى؟ وَحَقِيقَة الْمَعْنى: أَنكُمْ تركْتُم قَتْلِي بمَكَان رهطي فَأولى أَن تحفظوني فِي الله تَعَالَى.
وَقَوله: {واتخذتموه وراءكم ظهريا} مَعْنَاهُ: وألقيتم أَمر الله تَعَالَى وَرَاء ظهوركم. يُقَال: فلَان جعل كَذَا مِنْهُ ظهريا أَي: أَلْقَاهُ وَرَاء ظَهره.
وَقَوله: {إِن رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيط} ظَاهر الْمَعْنى.
وَذكر الْأَزْهَرِي فِي تَقْدِير الْآيَة وَمَعْنَاهَا قَالَ: إِنَّكُم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ تتركون قَتْلِي لكرامة رهطي، فَأولى أَن تكرموا أَمر الله وتتبعوه؛ وَحَقِيقَة الْمَعْنى: هُوَ الْإِنْكَار على من اتَّقى النَّاس وَلم يتق الله. قَالَ: وَقَوله: {واتخذتموه وراءكم ظهريا} تَقول الْعَرَب: فلَان جعل كَذَا بِظهْر إِذا تَركه وَلم يلْتَفت إِلَيْهِ. قَالَ الشَّاعِر:
(تَمِيم بن قيس لَا تكونن حَاجَتي ... بِظهْر فَلَا يعيا على جوابها)
قَوْله تَعَالَى: {وَيَا قوم اعْمَلُوا على مكانتكم} قيل: المكانة: هِيَ الْحَالة الَّتِي يتَمَكَّن فِيهَا الْمَرْء من الْفِعْل) .
وَمعنى الْآيَة: اعْمَلُوا على تمكنكم ومنزلتكم {إِنِّي عَامل} على تمكني ومنزلتي {سَوف تعلمُونَ} من ينجو وَمن يهْلك.
وَالْآيَة فِيهَا تهديد ووعيد شَدِيد، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن {سَوف تعلمُونَ} إِلَّا فِي هَذِه الْآيَة.

الصفحة 454