كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

إلا أن النداء قد يقال إذا قيل: "يا" و "أيا"، وإن لم يضم معه اسم. والدعاء لا يكاد يقال إلا ومعه اسم المدعو نحو: يا فلان. وقد يقع كل منهما موقع الآخر، ويستعمل استعمال التسمية فيتعدى تعديتها لاثنين إلى ثانيها بجزء الجزء. قال الشاعر: [من الطويل]
493 - دعتني أخاها أم عمروٍ ولم أكن ... أخاها ولم أرضع لها بلبان
دعتني أخاها بعد ما كان بيننا ... من الفعل ما لا يفعل الأخوان
قوله تعالى:} لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا {[النور: 63] قيل: يجوز أن يكون من معنى التسمية أي لا تخاطبوه باسمه فتقولون: يا محمد، كما يقول أحدكم للآخر، ولكن قولوا كما خاطبه الله تعالى بقوله:} يا أيها النبي {} يا أيها الرسول {. وقيل لا تدعوه برفع الصوت كما ترفعونه على بعضكم، فهو في معنى قوله:} ولا تجهروا له بالقول {[الحجرات: 2].
وقيل: لا تجعلوه كواحدٍ منكم في الأمر والنهي إذا أمر أحدكم أجاب إن شاء، ولم يجب إن شاء. وكذا إذا نهي، يجب عليكم أمره ونهيه بدليل قوله:} قد يعلم الله الذين يتسللون منكم {[النور: 63].
ويعبر به عن السؤال وعن الاستعانة، ومنه: "دعوا الله" أي سألوه حوائجهم واستعانوه عليها. قوله:} ضل من تدعون إلا إياه {[الإسراء: 67] تنبيه على أنهم إذا دهمتهم شدة لم يلهجوا إلا باسمه، ولم يخطر ببالهم غيره مما كانوا يعبدونه في الرخاء من الأصنام ونحوها. قوله} دعوا هنالك ثبورًا {[الفرقان: 13] أي نادوا الهلاك واستغاثوا به؛ يقولون: يا هلاك هذا حينك. وهو مجاز وقيل قولهم: يا حسرتاه، والهفاه، ونحو ذلك. قوله:} فما كان دعواهم {[الأعراف: 5] الدعوى بمعنى الأدعاء قاله الأزهري. ويكون بمعنى الدعاء؛ قال تعالى:} وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين {[يونس: 10]. قوله:} له دعوة الحق {[الرعد: 14] قيل: شهادة أن لا إله إلا الله. قوله:} وادعوا شهداءكم {[البقرة: 23] أي استغيثوا بهم. قوله: {وإن

الصفحة 14