كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

قلوبهم} [يونس: 88] أي امنعها من الصرف والفهم عقوبةً لهم حيث تعاموا بعدما أبصروا، وضلوا بعدما تبين لهم طريق الهدى قوله: {وإنه لحب الخير لشديد} [العاديات: 8] أي لبخيل؛ والخير: المال ومنه: {إن ترك خيرًا} [البقرة: 180] فسر بالمال، وقد تقدم. والمتشدد أيضًا: البخيل، ومنه قول طرفه: [من الطويل]
786 - أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد
وقيل: المعنى: وإنه لشديد حب الخير، أي حبه شديد وهو تفسير معنى قوله: {وشددنا ملكه} أي قويناه. قيل: إنه تداعى إليه رجلان فأوحي إليه بقتل أحدهما فقال الرجل: لم أجن جنايةً تقتضي قتلي! فقال بذلك أمرت. فقال الرجل: أما إني لم أقتل بهذه، بل لأني قتلت أباه غيلةً، فهيب من حينئذٍ وقيل: كان يحرس محرابه ثلاثون ألف مسلح، وكل ذلك بتقوية الله تعالى وقال الراغب: في قوله تعالى: {لحب الخير لشديد} إن شديدًا يجوز فيه أن يكون بمعنى مفعولٍ، كأنه شد كما يقال: غل عن الانفصال. وعلى هذا قالت اليهود: {يد الله مغلولة غلت أيديهم} [المائدة: 64] ويجوز أن يكون بمعنى فاعلٍ كالمتشدد كأنه شد صرته وقال في قوله: {حتى إذا بلغ أشده} وفيه تنبيه أن الإنسان إذا بلغ هذا القدر يتقوى خلقه الذي هو عليه فلا يكاد يزايله بعد ذلك وإليك نحا الشاعر، قال: [من الطويل]
787 - إذا المرء وافى الأربعين ولم يكن ... له دون ما يهوى حياء ولا ستر
فدعه ولا تنفس عليه الذي مضى ... وإن جر أسباب الحياة له العمر
وشد فلا واشتد أسرع، كأنه مأخوذ من قولهم: اشتدت به الريح.

الصفحة 256