كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

ومن قرأ: {شركاء} أراد به جمع شريك وأصله الشركة. والمشاركة: خلط الملكين. وقيل: وهو أن يوجد شيء لاثنين فصاعدًا؛ عينًا كان ذلك الشيء أو معنىً كمشاركة الإنسان والفرس في الحيوانية، ومشاركة فرسٍ وفرسٍ في الكمتة والدهمة يقال: شركته وشاركته وتشاركته وتشاركوا واشتركوا. وأشركته في كذا؛ قال تعالى: {وأشركه في أمري} [طه: 32] وفي الحديث: «اللهم أشركنا في دعاء الصالحين».
ثم الشرك ضربان: ضرب يجعل لله فيه شريك. وهذا- والعياذ بالله منه- وصفه تعالى بأنه ظلم عظيم والثاني الشرك الصغير، وهو مراعاة غير الله في بعض الأمور، وذلك كالرياء والنفاق المشار إليهما بقوله: {جعلا له شركاء فيما أتاهما} في أحد الأقوال وقوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف: 106] وقال آخرون: معنى «مشركون» أي واقعون في شرك الدنيا، أي حبائلها ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام: «الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا» ولفظ الشرك من الألفاظ المشتركة قوله: {ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا} [الكهف: 110] الظاهر أنه الشرك المعروف وقيل: هو الرياء.
قوله: {فاقتلوا المشركين} [التوبة: 5] قيل: هذا عام، قد خص بغير الرهبان والنساء والذراري. وقيل: لم يدخل أهل الكتابين والظاهر دخولهم لقولهم: {عزيز ابن الله} [التوبة: 30] {المسيح ابن الله} إلا أن يؤدوا الجزية واحتج من أخرجهم بقوله: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا} [الحج: 17] وبقوله: {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين}

الصفحة 266