كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

ويعتمد عليه، ولذلك يعدى بفي، وإن كان أصله المتعدي بنفسه، لكنه لما تضمن معنى الخرق والغيبوبة في الشيء تعدى تعديتهما. وقيل: هو مستعار من الشك وهو لصوق العضد بالجنب، وذلك أن يتلاصق النقيضان، فلا يجد الرأي والفهم حينئذ لهما مدخلًا، لعدم تخلل ما بينهما. قيل: ويشهد لذلك قولهم: التبس الأمر واختلط وأشكل.
والشكة: السلاح، لأنه يشك به، أي يفصل. ثم قوله تعالى: {فإن كنت في شك} [يونس: 94] الخطاب له في الصورة والمراد أمته. وإنما خوطب دونهم لأن العرب إنما تخاطب رئيس القوم. ومثله قوله: {يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين} [الأحزاب: 1] بدليل قوله: {أن الله كان بما تعملون خبيرًا} [الأحزاب: 2] ولم يقل: بما تعمل. وفي الحديث: «أنا أولى بالشك من إبراهيم» تأويله- على ما قال الهروي وغيره- أنه قال ذلك تواضعًا منه عليه الصلاة والسلام. يعني: أنا لا أشك فكيف بإبراهيم؟ فهو نفي للشك عن إبراهيم بهذا الدليل. وإنما قال ذلك لأنه لما نزل قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى} [البقرة: 260] الآية قال قوم ممن سمعوها: شك إبراهيم فقال عليه الصلاة والسلام ذلك.
ش ك ل:
قوله تعالى: {قل كل يعمل على شاكلته} [الإسراء: 84] أي ناحيته ووجهته وطريقته ومنه: طريق ذو شواكل: إذا كان تتشعب منه طرق كثيرة. وقيل: على سجيته التي قيدته؛ فهو من شكلت الدابة، أي قيدتها بالشكال. ومنه استعير: شكلت الكتاب، أي قيدته بالضبط. ودابة بها شكال: إذا كان تحجيله بإحدى يديه وإحدى رجليه كهيئة الشكال، وذلك أن سلكان السجية قاهر للإنسان وهو في المعنى كقوله عليه الصلاة والسلام: «كل ميسر لما خلق له من شقي أو سعيد».
والأشكلة: الحاجة التي تقيد الإنسان. والإشكال في الأمر: التباسه، وهو استعارة من ذلك، كالاشتباه من الشبه. يقال: أشكل الأمر وشكل، أي اشتبه، لدخول شكل غيره عليك. واشتباهه عليك للماثلة. قوله: {وآخر من شكله أزواج} [ص: 58] أي مثل

الصفحة 286