كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

بمعنىً. والشكو والشكاية والشكاة والشكوى كلها بمعنى إظهار البث والحزن. ومنه قوله تعالى: {إنما أشكو بثي} يوسف: 36] أي لا أظهره إلا له. ويقال: أشكاه، أي جعل له شكوى، نحو: أمرضه. وأشكاه: إذا أزال شكايته؛ فهو من الأضداد. وفي الحديث: «شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في أكفنا وجباهنا فلم يشكنا» أي فلم يأمرنا بأن نتقي ذلك بأطراف ثيابنا. وقال الهروي: يريد أنهم شكوا إليه حر الشمس وما يصيب أقدامهم، فسألوه تأخيرها إلى وقت الإبراد قليلًا. «فلم يشكهم» أي فلم يجبهم، انتهى. وفيه نظر لأن الإبراد ثابت بالسنة المشهورة، فلم يبق إلا ما قدمته وفي الحديث: «ويكثرن الشكاة» أي الشكوى. وأنشد ابن الزبير: [من الطويل]
818 - وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
قال القتيبي: الشكاة: الذم العيب. وقال طرفة بن العبد: [من الطويل]
819 - بلا حدثٍ أحدثته وكمحدثٍ ... هجائي وقذفي بالشكاة ومطردي
وأنشد الأصمعي:
820 - لم يقذ عينه حثاث المحثث ... يشكو بعي، وهو البليغ الحدث
أي يعاب.
قيل: وأصل الشكو من فتح الشكوة؛ وهو سقاء صغير يجعل فيه الماء. فالمعنى: أظهر ما في شكوته. وهذا كقولهم: بثثت له ما في وطابي، ونفضت له ما في جرابي،

الصفحة 288