كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

والمؤمنون يشهدون على المكذبين بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم. وهو جمع شاهدٍ نحو صاحبٍ وأصحابٍ، وناصرٍ وأنصارٍ. قوله: {شاهدين على أنفسهم بالكفر} [التوبة: 17] أي كل فرقةٍ تنسب إلى دين اليهود والنصارى المجوس سوى مشركي العرب؛ فإنهم كانوا يمتنعون من هذه الاسم. فجعل قبولهم لذلك شهادة على أنفسهم بالكفر. وقيل: لأنهم كانوا يقولون في تلبيتهم: [من الرجز]
829 - ألا شريك لك ألا شريك لك ... هو لك تملكه وما ملك
قوله: {ونزعنا من كل أمةٍ شهيدًا} [القصص: 25] أي اخترنا منهم نبيًا، وكل نبيٍّ شاهد على قومه. ثم «شهدت» يقال على ضربين: أحدهما جارٍ مجرى العلم وبلفظه تقام الشهادة. فيقول الشاهد: أشهد بكذا، ولا يكتفي بقوله: أعلم، بل لابد من لفظه بالشهادة. ولا يكتفي منه أيضًا بقوله: شهدت، أو أنا شاهد بكذا. بل لابد من قوله: أشهد، بلفظ المضارع. والثاني جارٍ مجرى التقسيم؛ فيقال: أشهد أن زيدًا منطلق. وعليه قوله: {أن تشهد أربع شهاداتٍ بالله} [النور: 8] الآية. ويجري العلم في ذلك مجراه، فيجاب بما يجاب به القسم، كقول الشاعر: [من الكامل]
830 - ولقد علمت لتأتين منيتي ... إن المنايا لا تطيش سهامها
وقال بعضهم: إذا قال: شهدت، ولم يقل: بالله أنه يكون قسمًا. وشهدت كذا: حضرته. وشهدت على كذا: أقمت عليه شهادتي. ومنه قوله تعالى: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم} [النور: 24]، {شهد عليهم سمعهم} [فصلت: 20]. وقد يعبر

الصفحة 297