كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

له أخرى أحسن منها: لو كنت مسلمًا وقتلت كنت لك. فترك صفهم وجاء لصف المسلمين، فابتدروه ليقتلوه فأشار إليهم فأمسكوا عنه حتى قص قصته. ثم لم يزل يقاتل قومه ويقاتلونه حتى قتل رحمه الله. فأخذ ودفن هناك. فمن ثم يزار. فهذا معنى قول من قال: إنهم يشاهدون في تلك الحالة ما أعد لهم. وقيل: لأنهم عند الله- أي عند حياته- كقوله تعالى: {والشهداء عند ربهم لهم أجرهم} [الحديد: 19] فبين جهة العندية.
قوله تعالى: {تبغونها عوجًا وأنتم شهداء} [آل عمران: 99] أي نبوة محمدٍ صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {إن قرآن الفجر كان مشهودًا} [الإسراء: 78] أي تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، أي تحضره، وقيل: معناه أن صاحبه يشهد الشفاء والرحمة المشار إليهما بقوله: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} [الإسراء 82] والتوفيق والسكينات والأرواح. قوله تعالى: {وادعوا شهداءكم} [البقرة: 23] قال ابن عباسٍ: معناه أعوانكم. وقال مجاهد: الذين يشهدون لكم. وقال بعض أهل العلم: معناه من يعتد بحضوره عكس من قيل في حقهم: [من البسيط]
832 - مخلفون ويقضي الله أمرهم ... وهم بغيب وفي عمياء ما شعروا
وقيل: يجوز فيه جميع ما ذكر في معنى الشهادة. وكذا جوز في قوله: {ونزعنا من كل أمةٍ شهيدًا} [القصص: 75]. قوله: {وكفى بالله شهيدًا} [النساء: 79] أي لا يفوت علمه شيء. وفيه إشارة إلى معنى ما تضمنه قوله تعالى: {لا يخفى على الله منهم شيء} [غافر: 16]. وقوله: {يعلم السر وأخفى} [طه: 7]. قوله: {ويتلوه شاهد منه} [هود: 17] أي حافظ ملك. وقيل: هو عبد الله. وفي حديث أبي أيوب: «لا صلاة بعد العصر حتى يرى الشاهد. قيل: يا أبا أيوب وما الشاهد؟ قال: النجم». وفسرها الفراء بأنها صلاة المغرب. قال: وهو اسمها. قال شمر: وهذا راجع إلى ما فسر أبو أيوب أنه النجم، كأنه يشهد على الليل. وقال أبو سعيدٍ: سميت صلاة الشاهد لاستواء المسافر والمقيم في أنها لا تقصر. قال الأزهري: والقول الأرجح هو الأول، ألا

الصفحة 300