كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

وأخرجني مخرج صدقٍ} [الإسراء: 80]. وقوله: {واجعل لي لسان صدقٍ} [الشعراء: 84]. ويستعملان في أفعال الجوارح فيقال: صدق في القتال إذا وفي حقه وفعل ما يجب وكما يجب، وكذب في القتال عكسه. قوله: {صدقوا ما عاهدوا الله عليه} [الأحزاب: 23] أي حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم. قوله: {ليسأل الصادقين عن صدقهم} [الأحزاب: 8] أي ليسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله، تنبيًا أنه لا يكفي الاعتراف بالحق دون تحريه بالفعل. وصدقت فلانًا: نسبته إلى الصدق. وأصدقته: وجدته صادقًا. ويقال: هما واحد، ويقالان فيهما جميعًا. ويستعمل التصديق في كل ما فيه تحقيق يقال: صدقني. قوله: {وهذا كتاب مصدق لسانًا عربيًا} [الأحقاف: 12] أي مصدق ما تقدم. و"لسانًا" نصب على الحال. وفي المثل "صدقني سن بكره" لم يكذبني فيما استخبرته. والصداقة صدق الاعتقاد في المودة، وذلك مختص بالإنسان دون غيره.
قوله تعالى: {ولا صديقٍ حميمٍ} [الشعراء: 101] إشارة إلى نحو قوله: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدو إلا المتقين} [الزخرف: 67] والصدقة: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة، لكن الصدقة في الأصل، يقال للمتطوع به والزكاة للواجب. وقيل: يسمى الواجب صدقةً إذا تحرى صاحبها الصدق في فعله، فعليه قوله تعالى: {خد من أموالهم صدقةً} [التوبة: 103] وهي الزكاة. يقال: صدق وتصدق، ويقال لما تجافى عنه الإنسان من حقه: تصدق به نحو قوله تعالى: {فمن تصدق به فهو كفارة له} [المائدة: 45] أي من تجافى عنه. قوله: {وأن تصدقوا خير لكم} [البقرة: 28] فإنه أجرى ما يتسامح به للمعسرين مجرى صدقةٍ. ومنه ماروي عنه عليه الصلاة والسلام: "ما تأكله العافية صدقة". ومثله قوله تعالى:

الصفحة 327