كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

{ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا} [النساء: 92] سمى إعفاءهم صدقةً. قوله: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلةً} [النساء: 4] أي مهورهن، مأخوذ من الصدقة، وفيه تنبيه على أن في إعطائه أجرًا كما في إعطاء الصدقة. وقد أثبت الشارع ذلك في النفقة الواجبة كقوله عليه الصلاة والسلام: "وحتى اللقمة تضعها في في امرأتك".
يقال: صداق المرأة وصداقها وصدقتها. وقد أصدقتها، أي أعطيتها صداقًا وسميته لها. قوله تعالى: {فأصدق وأكن} [المنافقين: 10] من الصدقة. وقال الراغب: من الصدق أو الصدقة، وليس بذاك. قوله: {إنه كان صديقًا} [مريم: 41] أي بليغًا فيه. وهو من كثر منه الصدق وقيل: من لم يكذب قط. وقيل: من لم يتأت منه كذب لتعوده الصدق. وقيل: من صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله، وهذه هي درجة الأنبياء، ولذلك وصف بالصديقية خليله فقال: {إنه كان صديقًا نبيًا}. وقال تعالى: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين} [النساء: 69] فهم دون الأنبياء في الفضيلة، إذ لا فضيلة عندنا توازي النبوة خلافًا لقومٍ خالين من المتصوفة. قوله: {وأمه صديقة} [المائدة: 75] قيل: لو كانت نبيةً لوصفها بها، إذ في مقام المدح نما يوصف بالأكمل.
وصدق: يتعدى للثاني بنفسه بحر الجر مثل كذب. تقول: صدقته الحديث وفي الحديث. قال تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده}. قوله: {إن المصدقين} [الحديد: 18] قرئ بالتشديد من التصدق، والتخفيف من تصديقهم ما [جاء به]

الصفحة 328