كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

روي أن المصلين كثير وأن المقيمين لها قليل. وقوله تعالى: {الذين هم عن صلاتهم ساهون} [الماعون: 5] أي غافلون عن استحضارها وإن كانوا فيها؛ فكم من مصل قلبه في معاشه وأذى الناس. وفي التفسير: ما تركوها وإنما أخروها عن وقتها. وكذا قوله: {أضاعوا الصلاة} [مريم: 59] {ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى} [التوبة: 54] تنبيهًا أن فعلهم لها بتكلفٍ لا عن طواعيةٍ وذلك لما كانوا يصلونه تقيةً واتقاءً لأنفسهم وذراريهم وأموالهم كفعل كثيرٍ من الناس إن فعلوا. قيل: ولم يقل المصلين إلا في المفرطين والمنافقين كقوله: {فويل للمصلين} [الماعون: 4] {لم نك من المصلين} [المدثر: 43] أي من الذين صلوا إخلاصًا لا نفاقًا. وقيل: من أتباع الأنبياء.
قوله: {فلا صدق ولا صلى} [القيامة: 31] تنبيه أنه لم يكن ممن يصلي، أي يأتي بهيئتها فضلاً عن إقامته لها. قوله: {وقد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} [المؤمنون: 2]. ثم قال: {على صلاتهم يحافظون} [المعارج: 34] ذكرهما بوصفين أحدهما أشرف من الآخر، وهو مخ العبادة الذي هو الخشوع، حتى جعله بعضهم شرطًا في صحتها. ورأى عليه الصلاة والسلام رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة فقال: "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه". ثم وصفهم بالمحافظة عليها ويدخل تحته أشياء كثيرة بيانها في غير هذا. قوله: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاءً وتصدية} [الأنفال: 35] تنبيه على إبطال صلاتهم، وأن فعلهم ذلك لا اعتداد به، بل هم في ذلك كطيورٍ تمكو وتصدي. وقيل: لم يصلوا البتة وإنما جعلوا ذلك بدل صلاتهم كقوله: [من الوافر]
896 - تحية بينهم ضرب وجيع

الصفحة 351