كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

فصل الضاد والراء
ض ر ب:
قوله تعالي: {أن اضرب بعصاك} [الأعراف: 160]. الضرب: إيقاع جسمٍ علي جسمٍ قصدًا للتأليم والإيلام وقال بعضهم: الضرب: إيقاع شيءٍ علي شيءٍ، وهو أعم من الأول. قال: ولتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها كضرب الشيء باليد وبالعصا والسيف ونحوها. وضرب الأرض بالمطر وضرب الدرهم اعتبارًا بضربه بالمطرقة. قوله: {لا يستطيعون ضربًا في الأرض} [البقرة: 273] أي سفرًا وذهبًا، وذلك لأن المسافر كالضارب الأرض برجله. وضرب في الأرض أيضًا: أسرع، وأنشد: [من الطويل].
918 - ولكن يجاب المستغيث، وخيلهم ... عليها كماةٌ بالمنية تضرب.
أي تسرع ومنه قول علي رضي الله عنه: ((فإذا كان كذا ضرب يعسوب الدين بذنبه)) أي أسرع الذهاب، قاله الأزهري. وما أحسن هذه الاستعارة وأفصحها فلله دره، كم له من مثلها كرم الله وجهه. قوله: {وضربت عليهم الذلة} [البقرة: 61] أي أحاطت عليهم إحاطة القبة المضروبة علي شيءٍ فيها. وأصل ذلك من ضرب الخيمة لأن فيها ضرب أوتادها بالقدوم. قوله: {فضربنا علي آذانهم} [الكهف: 11] أي أغبناهم.
وأصله أن الرجل إذا ضرب علي أذنه حصل له غيبةٌ. قوله: {أفنضرب عنكم الذكر} [الزخرف: 5] أي نمهلكم ونعرض عنكم وننحي عنكم ما يجب تعريفه إياكم.
قوله: {وضرب الله مثلا قرية} [النحل: 112] ونحوه فيه وجهان: أحدهما أن (ضرب) هنا أغني عن لفظ المثل خاصة ضرب [الجاري] مجري صير فنصبت مفعولين وصير الله قريةً حقها كيت وكيت مثلًا يعتبر من سمعه كسائر الأمثال. وسيأتي إن شاء الله تفسير المثل والثاني أنه لم يضمره ذلك، فقيل: إنه استعير من ضرب الدراهم، وذلك لأنه ذكر شيءٍ أثره يظهر في غيره وقال بعضهم: {واضرب لهم مثلًا} [يس: 13] أي اذكر.

الصفحة 373