كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

تعالى منةً عليه بالتثبيت بالنبوة.
قوله: {فأولئك هم المضعفون} [الروم: 39] أي المتصدقون ابتغاء وجه الله تعالي، أولئك هم أصحاب التضعيف أي زيادة الحساب لأنهم يجازون بالحسنة عشرة أمثالها، ولا إضعاف أكثر من ذلك. يقال: أضعف الرجل فهو مضعفٌ، أي ذو أضعافٍ في الحسنات. قوله: {فأولئك لهم جزاء الضعف} [سبأ: 37] قال ابن الأنباري: يريد جزاء المضاعفة فألزم التضعيف التوحيد لأن المصادر ليس سبيلها التثنية والجمع يزيدون مثله، وإفراده لا بأس به، إلا أن التثنية أحسن. قال أبو عبيدة: ضعف الشيء مثله، وضعفاه مثلاه، وقوله: {يضاعف لها العذاب ضعفين} [الأحزاب: 30] يجعل إلي الشيء شيئان حتى يصير ثلاثةً.
قلت: قد تقدم حكاية ابن عرفة عنه في ذلك. وقوله: إنه لا يحبه، أي لا يختاره لقوله: {نؤتها أجرها مرتين} [الأحزاب: 31] كما مر شرحه. وقال الأزهري: الضعف في كلام العرب: المثل إلي ما زاد وليس بمقصور علي مثلين فيكون ما قال أبو عبيدة صوابًا بل جائزٌ في كلام العرب أن نقول: هذا ضعفه، أي مثلاه وثلاثة أمثاله، لأن الضعف في الأصل وزيادةٌ غير محصورةٍ. ألا تري قوله تعالي: {فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا} لم يرد به مثلًا ولا مثلين ولكنه أراد بالضعف الأضعاف وأولي الأشياء به أن يجعل عشرة أمثاله لقوله تعالي: {من جاء بالحسنة فله عشرة أمثالها} [الأنعام: 120] فأقل الضعف محصورٌ وهو المثل وأكثره غير محصورٍ. وإنما أوسعت الكلام لاختلاف الناس فيه حتى اختلف الفقهاء في ما لو أوصي موصٍ لزيدٍ بضعف ما لابنه ماذا يعطي، ومذهبنا أن ضعف الشيء هو مثله، وضعفاه هو مثلاه، وهلم جرا.

الصفحة 380