كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

الأمرين بنبي الله ووليه. وأضاف من الأمر: أشفق منه أيضًا. وضاف لغةٌ فيه. وجاء اثنان لعلي رضي الله عنه فقالا: ((أتيناك مضافين)) ففهم عنهما فأمنهما. والمضوفة: الأمر الذي يشفق منه. فإن كان أضاف بمعني أشفق منه فتلك مادة أخري.
ض ي ق:
قوله تعالي: {ولا تك في ضيقٍ مما يمكرون} [النحل: 127]. الضيق والضيق- بالفتح والكسر- ضد السعة. وغلب استعمال الضيقة في الفقر والبخل والغم ونحو ذلك. وقال ابن عرفة: ضاق الرجل: بخل، وأضاق: افتقر، كأنه صار ذا ضيقةٍ.
ونقل الراغب أنه يقال في الفقر ضاق وأضاق فهو مضيقٌ، واستعمل ذلك. كما أنهم استعملوا الوسع في ضده، قال تعالي: {وضاق بهم ذرعًا} [هود: 77] كنايةٌ. عن غمه عليه الصلاة والسلام بما يلاقي من قومه بسببهم. قوله: {وضائقٌ به صدرك} [هود: 12] عدل عن ضيقٍ إلي ضائقٍ دلالةً علي حدوث ذلك وتجدده لإثباته واستقراره.
قوله: {ضاقت عليهم الأرض بما رحبت} [التوبة: 118] من أبلغ كلامٍ مرشحٍ، صور أن الأرض كلها صارت مجالًا لهم ومع ذلك أحسوا بضيقها، ثم لم يكتف بذلك حتى رشحه بقوله: {بما رحبت} يعني ما رحبها وسعتها.
قوله: {وضاقت عليهم أنفسهم} [التوبة: 118] مثلٌ في شدة الخناق وسد طريق الفرج، جعل أنفسهم شيئًا يوصف بالسعة والضيق تمثيلًا، قوله: {يجعل صدره ضيقًا حرجًا} [الأنعام: 125] وقرئ مخفف الياء كميتٍ وميتٍ إشارةً إلي ضيق النفس المذكور. وجعله حرجًا مبالغةً في ذلك، عكس من وصفه بأن شرح له صدره. والمراد التعميمة والتحير علي من أراد إضلاله والتبصرة والدلالة لمن أراد هدايته. ولا دليل أوضح منه علي مذهب أهل السنة كما بيناه في غير ذلك. وقال ابن السكيت: الضيق والضيق بمعني واحدٍ كما تقدم. وعن الفراء: المفتوح ما ضاق عنه صدرك، والمكسور الذي

الصفحة 392