كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

التفسير أنه جعل منكرهم حجارة وهو المسخ في الحقيقة. وأصل الطمس محو الأثر، ومنه طمس الأثر، وطسم مقلوبة. وطريق طامس: إذا لم يبق فيه أثر ولا علم. وأنشد لكعب بن زهير: [من البسيط]
954 - عرضتها طامس الأعلام مجهول
قوله تعالى: {من قبل أن نطمس وجوهًا} [النساء: 47] أي نجعلها مثل أقفائها لا عين ولا فم ولا أنف كالقردة. ومنه قوله تعالى: {ولو نشاء لطمسنا على أعينهم} [يس: 66] أي محونا أثرها وأزلنا ضوءها كما يزال الأثر. وقيل: {من قبل أن نطمس وجوهًا}؛ ذلك في الدنيا بأن نجعل الشعر على وجوهكم فيكسوها، فتصير وجوهكم كوجوه القردة، وقد وقع ذلك لأسلافهم. وقيل: معناه: نردهم من الهداية إلى الضلالة كقوله: {وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة} [الجاثية: 23]. وقيل: عنى بالوجوه الرؤساء والأكابر، أي نجعل رؤساءهم أسافل وأذنابًا كقول الأفوه الأودي: [من البسيط]
955 - فالأذناب أكتاد
وذلك أعظم أسباب البوار. ومثله: ((وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)). وقيل ذلك إشارة إلى ما يفعل بهم في الآخرة. وقيل: الطمس: استئثار أثر الشيء. ومنه قوله تعالى: {فإذا النجوم طمست} [المرسلات: 8]. ومنه طمست الريح آثار القوم.

الصفحة 415