كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

ولأنه يقال: طاهر مثل قائمة وقائم. ثم الطهارة ضربان: طهارة جسم وطهارة نفس، قال الراغب: وقد حمل عليه عامة الآيات. قلت: الظاهر من الآيات الواردة في ذلك إنما هي في طهارة الجسم لأن ذلك يتعبد به ظاهرًا.
والطهارة شرعًا: رفع حدث وإزالة نجس، أو ما في معنى ذلك كالاستنجاء بغير الماء والتيمم، وعليه قوله تعالى: {وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [المائدة: 6] أي بالماء أو ما يقوم مقامه من التراب، كما نصت الآية بعدها عليه. قوله: {ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن} [البقرة: 222] فإذا انقطع دمهن أيضًا. وقد قرئ: {حتى يطهرن} بالتشديد. وقد أوضحنا مذاهب الناس في هذه المسألة في ((القول الوجيز)). وذكرنا استدلال كل طريق وما يرد عليه وما يجاب عنه والحمد لله. قوله: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} [البقرة: 222] أي المزيلين للنجاسات، المتحرين في الطهارات لأن الطهارة أس العبادة. وقيل: التاركين للذنب، العاملين للصلاح.
قوله: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [التوبة: 108] قيل: نزلت في أهل قباء، وقد سألهم عليه الصلاة والسلام عن ذلك، فقالوا: ((لأنا نتبع الحجر الماء)) أي إذا استنجوا جمعوا بين الماء والحجر وهو الأفضل، ولابد من تقديم الحجر، وإلا فلا فائدة. وقيل: عنى تطهير النفس. قوله: {ومطهرك من الذين كفروا} [آل عمران: 55] أي مخرجك من زمرتهم، وأنزهك أن تفعل فعلهم. قوله: {لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة: 79] قيل: من كان على الطهارتين الكبرى والصغرى وقيل: عنى الملائكة. وقيل: معناه لا يبلغ حقائقه ومعرفته إلا من يطهر نفسه وينقى من درن

الصفحة 418