كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

وقيل: تقديره طاعة وقول معروف أمثل بكم. وسوغ الابتداء بالنكرة العطف عليها. وقيل: الأصل أطيعوا، ثم أبدل من الفعل مصدر منصوب نحو: {فضرب الرقاب} [محمد: 4] ثم رفع خبر المبتدأ محذوف مبالغة، أي أمركم طاعة كقوله: {فصبر جميل} [يوسف: 18] وقد صرح الشاعر بما قدرناه من المبتدأ في قوله: [من الطويل]
958 - فقالت: على اسم الله أمرك طاعة ... وإن كنت قد كلفت ما لم أعود
قوله تعالى: {مطاع ثم أمين} [التكوير: 81]؛ مطاع اسم مفعول من أطعته فهو مطاع. ومعناه إن كان المراد به جبريل أنه مطاع الأمر فيما يأمر به عن الله في ذلك المكان العالي لملائكة ربه كخاصة الملك إذا أمروا بعض الخدم. وإن كان المراد به نبينا صلى الله عليه وسلم فالمعنى مطاع فيما يسأله ربه ويدعوه به ويقويه. قوله في حديث الشفاعة: ((ارفع رأسك وقل تسمع واسأل تعط واشفع تشفع)) وهذا هو المشار إليه بقوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [الإسراء: 79]. قوله تعالى: {فمن تطوع خيرا} [البقرة: 184] أي تنفل بالطاعة مما لا يفترض.
وأصل التطوع تكلف الطاعة. غلب في العرف على التطوع بما لا يلزم من العبادات. ومنه الحديث: ((المتطوع أمير نفسه)). قوله تعالى: {من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: 97] قد فسر النبي صلى الله عليه وسلم الاستطاعة بوجود الزاد والراحلة وأمن الطريق. والاستطاعة نوعان: استطاعة بنفسه واستطاعة بغيره كما هو مشروح في غير هذا حسبما بيناه في ((القول الوجيز)). والاستطاعة: استفعال من الطوع فأفعلت بالحذف وعوض منه بالتاء كالاستقامة. قال بعضهم في تفسيرها: وذلك وجود ما يصير به الفعل متأنيًا. قال: وهو عند المحققين اسم المعاني التي بها يتمكن الإنسان مما يريده من إحداث الفعل، وهي أربعة أشياء: بنية مخصوصة للفاعل، وتصور للفعل، ومادة قابلة

الصفحة 422