كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

لتأثيره، وآلة إن كان الفعل إليًا كالكتابة؛ فإن الكاتب محتاج إلى هذه الأربعة في إيجاده للكتابة ولذلك يقال: فلان غير مستطيع للكتابة إذا فقد واحدًا من هذه الأربعة فصاعدًا. ويضاده العجز وهو أن لا يجد أحد هذه الأربعة فصاعدًا، ومتى وجد هذه الأربعة كلها فمستطيع مطلقًا، ومتى فقدها فعاجز مطلقًا، وجد بعضها دون بعض فمستطيع من وجه عاجز من وجه. ولأن يوصف بالعجز أولى.
والاستطاعة أخص من القدرة، وقال بعضهم: الاستطاعة الإمكان، والإمكان إزالة الموانع، وقوله: {من استطاع إليه سبيلا} فإنه يحتاج إلى هذه الأربعة، وقد مر تفسيره عليه الصلاة والسلام لها. قال الراغب: قوله عليه الصلاة والسلام: ((الاستطاعة الزاد والراحلة)) فإنه بيان لما يحتاج إليه من الآلة، وخصه بالذكر دون الآخر إذ كان معلومًا من العقل، ومقتضى الشرع أن التكليف بدون تلك الأخر لا يصح. قلت: ويظهر جواب آخر وهو أنه عليه الصلاة والسلام إنما ذكر معظم الأشياء وهو هذان المذكوران وغيرهما كالتابع لهما: قوله: {لو استطعنا لخرجنا معكم} [التوبة:42] فالإشارة إلى عدم الآلة من المال والظهر. قوله تعالى: {ولن تستطيعوا ولو حرصتم} [النساء: 129] قيل: إنه قد يقال: فلان لا يستطيع كذا لما يصعب عليه فعله لعدم الرياضة، وذلك يرجع إلى افتقاده الآلة أو عدم التصور. وقد يصح معه التكليف، ولا بصير به الإنسان معذورًا، ومثله قوله: {إنك لن تستطيع معي صبرا} [الكهف: 67].
قوله تعالى: {فأرسلنا عليهم الطوفان} [الأعراف: 133] قيل: هو السيل المغرق.

الصفحة 423