كتاب عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (اسم الجزء: 2)

وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسره بالموت. قال بعضهم: الطوفان من كل شيء: ما كان مطبقا بالجماعة كالموت الجارف والغرق الشامل والقتل الذريع. وقال آخرون: الطوفان: كل حادثة تحيط بالإنسان. وصار متعارفا في الماء المتناهي في الكثرة لأجل أن الحادثة التي نالت قوم نوح عليه الصلاة والسلام كانت ماء. قوله تعالى: {إذا مسهم طائفة من الشيطان تذكروا} [الأعراف: 201] الطائف في الأصل اسم فاعل من اسم طاف يطوف حول الشيء: إذا دار من جميع جوانبه وأحاط به. فيقال: طاف يطوف طوفًا وطوافًا. ومنه الطواف حول الكعبة لقوله: {أن طهرا بيتي للطائفيين} [البقرة: 125] ثم استعير للطائف من الجن والخيال والحوادث تخيلا أن كلاً من هذه الأشياء قد طاف بالإنسان من جميع جهاته. وأحاط به إحاطة من يطوف به. فالطائف: من يدور حول الشيء يريد اقتناصه وأخذه. وقرئ ((طيف)) وهو خيال الشيء وصورته المترائية له في المنام واليقظة. وقيل: الطيف: الجنون. وقال ابن عرفة: الطيف والطائف يرجعان إلى معنى واحد. وأنشد: [من الطويل]
959 - فو الله ما أدري أطائفة جنة ... * تأوبني، أم لم يجد أحد وجدي
وقال مجاهد: طائف غضب، وقال أبو عبيدة: ما طاف به من وسوسته. وقال أبو منصور: أصل الطيف الجنون. وقيل: الغضب طيف لتغير عقل الغضبان. وقيل: أصل طيف طيف كميت وميت. قيل: بل هما مادتان: طاف يطوف ويطيف، فطيف منه لا من يطوف. قوله: {فطاف عليها طائف من ربك} [القلم: 19] إشارة إلى ما أرسله عليها من نار أو ريح.
قوله تعالى: {طوافون عليكم بعضكم على بعض} [النور: 58] عبارة عن

الصفحة 424