كتاب التفسير الوسيط لطنطاوي (اسم الجزء: 2)

كفر الكافر إنما يعود عليه ضرره لا على غيره، وأنه- سبحانه- يملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وأن حكمته سبحانه تقتضي تمييز الخبيث من الطيب. فقال- تعالى-:

[سورة آل عمران (3) : الآيات 176 الى 180]
وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (177) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (178) ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)
الخطاب في قوله تعالى وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ للنبي صلّى الله عليه وسلّم والمقصود منه تسليته وإدخال الطمأنينة على قلبه، حتى لا يتأثر بما يراه من كفر الكافرين، ونفاق المنافقين، وفسق الفاسقين.
أى: لا يحزنك ولا يثر في نفسك الحسرات يا محمد، حال أولئك القوم الذين يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ أى يتوغلون فيه، ويتعجلون في إظهاره وتأييده والعمل به عند سنوح الفرص، ويقعون فيه سريعا دون تريث أو تدبر أو تفكير والمقصود بالنهى عن الحزن، النهى عن الاسترسال فيه وفي

الصفحة 346