منها: إِذا حلف: ليشرين ماء هذه الأ داوة (¬1) غداً، فتلف في يومه، فهل يحنث إِذا مضى من الغد وقت الإِمكان، أم لا يحنث حتى يمضي الغد، وجهان، أصحهما عند البغوى: الأول (¬2). هذا إِذا قلنا: لا يحنث إِلا بعد مجئ الغد.
وفى وجه: أنه يحنث في الحال؛ لحصول اليأس من البر. وهذا (¬3): إِذا قلنا: يحنث في هذه الصور. وإِلا فهو مخرج على قولي الإِكراه (¬4).
وقال القاضي أبو حامد: " الأظهر: أنه لا يحنث، ويقال: إِنه المنصوص ".
وتظهر فائدة الخلاف (¬5) إِذا قلنا بالحنث، في أنه يحنث في الحال أو بعد مجئ الغد: فيما إِذا كان يكفر بالصوم، فإِنه يجوز أن ينوى صوم الغد عن الكفارة إِذا قيل: إِنه يحنث في الحال، ولا يجوز إِذا قيل: يحنث بعد مجئ الغد؛ لأن التكفير بالصوم لا يقدم على الحنث (¬6).
ومنها: إِذا قال لعبده: إِن لم أبعك اليوم فامرأتي طالق. ثم أعتقه، يقع عليها
¬__________
(¬1) الأداوة: نوع من الأواني، وقد ذكر ابن منظور وصفها، فقال: - "الإِداوة، بالكسر: إِناء صغير من جلد يتخذ للماء" اللسان (14/ 25).
(¬2) صحح البغوى ذلك في: التهذيب، جـ 4: ورقة (200 / أ).
(¬3) قال العلائي بدل تلك الكلمة: (وذلك كله). المجموع المذهب: ورقة (108 / ب).
(¬4) ذكر ذلك الشيخ أبو إِسحاق في: المهذب (2/ 140).
وقد قال الشربيني: - "حيث قالوا: قولي المكره، أرادوا به ما إذا حلف باختياره، ثم أكره على الحنث" مغني المحتاج (4/ 344).
هذا: وقد ذكر الشيخ أبو إِسحاق قولي الإِكراه، فقال: " أحدهما: يحنث؛ لأنه فعل ما حلف عليه فحنث. والثاني: لا يحنث وهو الصحيح " المهذب (2/ 139).
(¬5) ممن ذكر فائدة الخلاف التالية الشربيني في: مغني المحتاج (4/ 344).
(¬6) ذكر النووى أن ذلك هو الصحيح المشهور، انظر: الروضة (11/ 17).