كتاب القواعد للحصني (اسم الجزء: 2)

وفي وجه: أن الفرض أكملها. وفي آخر، أن كلاً منهما فرض (¬1)، كما قالوا في فروض الكفايات مثل صلاة الجنازة ونحوها: إِن الطائفة الثانية إِذا فعلته يقع فرضاً، وإن كان الحرج سقط بالأولى. فلا يمنع ذلك احتساب الثانية فرضاً.
وبنوا على الخلاف ماذا ينوى بالثانية؟
فعلى غير الجديد: ينوى الفرض. وعلى الجديد وجهان، أصحهما: ينوى الفرض أيضاً، وهو مشكل (¬2). والثاني: ينوى عين تلك الصلاة بلا تعرض لفرض أو نفل. واختاره الإِمام (¬3)
واعلم أنهم اتفقوا (¬4): على أن الواجب المقيد بوقت محدود إِذا لم يفعل في وقته مع التمكن، ثم فعل بعد ذلك يكون قضاء.
واختلفوا، فيما إِذا انعقد سبب وجوبه، ولم يجب إِما لمانع (¬5)، أو لفوات شرط، أو تخفيفا من الشارع (¬6): هل يسمى تداركه بعد الوقت قضاء على وجه الحقيقة، أم على وجه المجاز؟ فقال المتأخرون: حقيقة (¬7) سواء تمكن من فعله كالمسافر والمريض الذى
¬__________
(¬1) وبذا يتبين أن في المسألة قولين للشافعي، ووجهين لأصحابه، وقد ذكرها مع شيء من التفصيل النووى في: المجموع (4/ 108).
(¬2) لأن الثانية على القول الجديد نفل فكيف ينوى بها الفرض؟!. قال النووى: - "قالوا: ولا يمتنع أن ينوى الفرض وإن كانت نفلا هكذا صححه الأكثرون" المجموع (4/ 108).
(¬3) ذكر النووى اختيار الإِمام لهذا الوجه، في المجموع (4/ 108).
(¬4) ممن حكى الاتفاق على المسألة التالية الآمدى في الإِحكام (1/ 156).
(¬5) والمانع: إِما عقلي كالنوم، أو شرعي كالحيض.
(¬6) كالتيسير على المسافر بإباحة الفطر له.
(¬7) ممن قال بذلك أو يفهم من كلامه ذلك الرازى، والآمدى والبيضاوى، انظر: المحصول (جـ 1/ ق 1/ 149)، والإحكام (1/ 156)، والمنهاج مع نهاية السول (1/ 64).

الصفحة 35